القول في تأويل قوله تعالى:
* (قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون) *.
يقول تعالى ذكره: قال فرعون للسحرة إذ آمنوا بالله، يعني صدقوا رسوله موسى عليه السلام لما عاينوا من عظيم قدرة الله وسلطانه: آمنتم يقول: أصدقتم بموسى وأقررتم بنبوته، قبل أن آذن لكم بالايمان به. إن هذا يقول: تصديقكم إياه، وإقراركم بنبوته، لمكر مكرتموه في المدينة يقول لخدعة خدعتم بها من في مدينتنا لتخرجوهم منها. فسوف تعلمون ما أفعل بكم، وتلقون من عقابي إياكم على صنيعكم هذا. وكان مكرهم ذلك فيما:
11613 - حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، في حديث ذكره عن أبي مالك وعلي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب رسول الله (ص): التقي موسى وأمير السحرة، فقال له موسى: أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بي وتشهد أن ما جئت به حق؟ قال الساحر: لآتين غدا بسحر لا يغلبه سحر، فوالله لئن غلبتني لأؤمنن بك ولأشهدن أنك حق وفرعون ينظر إليهم فهو قول فرعون: إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة إذ التقيتما لتظاهرا فتخرجا منها أهلها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين) *.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل فرعون للسحرة إذ آمنوا بالله وصدقوا رسوله موسى:
(لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف) وذلك أن يقطع من أحدهم يده اليمنى ورجله اليسرى، أو يقطع يده اليسرى ورجله اليمنى، فيخالف بين العضوين في القطع، فمخالفته في ذلك بينهما هو القطع من خلاف.
ويقال: إن أول من سن هذا القطع فرعون. ثم لأصلبنكم أجمعين وإنما قال هذا فرعون، لما رأى من خذلان الله إياه وغلبة موسى عليه السلام وقهره له.