ممن بعث إليه نبينا (ص) دون قوم موسى، لان القرآن إنما أنزل على نبينا محمد (ص) دون موسى عليه السلام.
وقال آخرون في ذلك: معناه: سأصرفهم عن الاعتبار بالحجج. ذكر من قال ذلك:
11743 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج:
سأصرف عن آياتي عن خلق السماوات والأرض والآيات فيها، سأصرفهم عن أن يتفكروا فيها ويعتبروا.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبر أنه سيصرف عن آياته، وهي أدلته وأعلامه على حقية ما أمر به عباده وفرض عليهم من طاعته في توحيده وعدله وغير ذلك من فرائضه، والسماوات والأرض، وكل موجود من خلقه فمن آياته، والقرآن أيضا من آياته. وقد عم بالخبر أنه يصرف عن آياته المتكبرين في الأرض بغير الحق، وهم الذين حقت عليهم كلمة الله أنهم لا يؤمنون، فهم عن فهم جميع آياته والاعتبار والادكار بها مصروفون لأنهم لو وفقوا لفهم بعض ذلك فهدوا للاعتبار به اتعظوا وأنابوا إلى الحق، وذلك غير كائن منهم، لأنه جل ثناؤه قال: وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها فلا تبديل لكلمات الله.
القول في تأويل قوله تعالى: وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين.
يقول تعالى ذكره: وإن ير هؤلاء يتكبرون في الأرض بغير الحق. وتكبرهم فيها بغير الحق: تجبرهم فيها، واستكبارهم عن الايمان بالله ورسوله والاذعان لامره ونهيه، وهم لله عبيد يغذوهم بنعمته ويريح عليهم رزقه بكرة وعشيا. كل آية يقول: كل حجة لله على وحدانيته وربوبيته، وكل دلالة على أنه لا تنبغي العبادة إلا له خالصة دون غيره. لا يؤمنوا بها يقول: لا يصدقوا بتلك الآية أنها دالة على ما هي فيه حجة، ولكنهم يقولون: هي سحر وكذب. وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا يقول: وإن ير هؤلاء الذين وصف صفتهم طريق الهدى والسداد الذي إن سلكوه نجوا من الهلكة والعطب وصاروا إلى نعيم