يدك أركان الجبال هزمه تخطر بالبيض الرقاق بهمه وقرأته عامة قراء الكوفيين: جعله دكاء بالمد وترك الجر والتنوين، مثل حمراء وسوداء. وكان ممن يقرؤه كذلك عكرمة، ويقول فيه ما:
11722 - حدثني به أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم بن سلام، قال: ثنا عباد بن عباد، عن يزيد بن حازم، عن عكرمة، قال: دكاء من الدكاوات. وقال: لما نظر الله تبارك وتعالى إلى الجبل صار صخره ترابا.
واختلف أهل العربية في معناه إذا قرئ كذلك. فقال بعض نحويي البصرة: العرب تقول: ناقة دكاء: ليس لها سنام، وقال: الجبل مذكر، فلا يشبه أن يكون منه إلا أن يكون جعله مثل دكاء حذف مثل وأجراه مجرى: واسأل القرية. وكان بعض نحويي الكوفة يقول: معنى ذلك: جعل الجبل أرضا دكاء، ثم حذفت الأرض وأقيمت الدكاء مقامها إذ أدت عنها.
وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندي قراءة من قرأ: جعله دكاء بالمد، وترك الجر لدلالة الخبر الذي رويناه عن رسول الله (ص) على صحته وذلك أنه روي عنه (ص) أنه قال: فساخ الجبل ولم يقل: فتفتت، ولا تحول ترابا. ولا شك أنه إذا ساخ فذهب ظهر وجه الأرض، فصار بمنزلة الناقة التي قد ذهب سنامها، وصارت دكاء بلا سنام. وأما إذا دك بعضه فإنما يكسر بعضه بعضا ويتفتت ولا يسوخ. وأما الدكاء فإنها خلف من الأرض، فلذلك أنثت على ما قد بينت. فمعنى الكلام إذن: فلما تجلى ربه للجبل ساخ، فجعل مكانه أرضا دكاء.
وقد بينا معنى الصعق بشواهده فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.