أوجه. فلما رآهم موسى رفع صوته يسبح معهم حين سبحوا، وهو يبكي ويقول: رب اذكرني، ولا تنس عبدك لا أدري أنقلب مما أنا فيه أم لا؟ إن خرجت أحرقت، وإن مكثت مت. فقال له كبير الملائكة ورئيسهم: قد أو شكت يا ابن عمران أن يمتلئ جوفك، وينخلع قلبك، ويشتد بكاؤك فاصبر للذي جلست لتنظر إليه يا ابن عمران وكان جبل موسى جبلا عظيما، فأمر الله أن يحمل عرشه، ثم قال: مروا بي على عبدي ليراني، فقليل من كثير ما رأى فانفرج الجبل من عظمة الرب، وغشي ضوء عرش الرحمن جبل موسى، ورفعت ملائكة السماوات أصواتها جميعا، فارتج الجبل فاندك، وكل شجرة كانت فيه، وخر العبد الضعيف موسى بن عمران صعقا على وجهه ليس معه روحه، فأرسل الله الحياة برحمته، فتغشاه برحمته وقلب الحجر الذي كان عليه وجعله كالمعدة، كهيئة القبة لئلا يحترق موسى، فأقامه الروح مثل الأم أقامت جنينها حين يصرع، قال: فقام موسى يسبح الله ويقول: آمنت أنك ربي، وصدقت أنه لا يراك أحد فيحيا، ومن نظر إلى ملائكتك انخلع قلبه، فما أعظمك رب وأعظم ملائكتك، أنت رب الأرباب وإله الآلهة وملك الملوك، تأمر الجنود الذين عندك فيطيعونك، وتأمر السماء وما فيها فتطيعك، لا تستنكف من ذلك، ولا يعدلك شئ ولا يقوم لك شئ، رب تبت إليك، الحمد لله الذي لا شريك له، ما أعظمك وأجلك رب العالمين القول في تأويل قوله تعالى: فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا.
يقول تعالى ذكره: فما اطلع الرب للجبل جعل الله الجبل دكا: أي مستويا بالأرض.
وخر موسى صعقا أي مغشيا عليه. وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك.
11709 - حدثني الحسين بن محمد بن عمرو العنقزي، قال: ثني أبي، قال: ثنا أسباط، عن السدي، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قول الله: فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا قال: ما تجلى منه إلا قدر الخنصر. جعله دكا قال: ترابا. وخر موسى صعقا قال: مغشيا عليه.
11710 - حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، قال: زعم السدي، عن