صوتك، وبذلت لي كلامك، وآتيتني حكمتك، فإن أعد نعماك لا أحصيها، وإن أردت شكرك لا أستطيعها. دعوتك رب على فرعون بالآيات العظام، والعقوبة الشديدة، فضربت بعصاي التي في يدي البحر، فانفلق لي ولمن معي، ودعوتك حين جزت البحر، فأغرقت عدوك وعدوي، وسألتك الماء لي ولامتي، فضربت بعصاي التي في يدي الحجر، فمنه أرويتني وأمتي، وسألتك لامتي طعاما لم يأكله أحد كان قبلهم، فأمرتني أن أدعوك من قبل المشرق، ومن قبل المغرب. فناديتك من شرقي أمتي، فأعطيتهم المن من مشرقي لنفسي، وآتيتهم السلوى من غربيهم من قبل البحر، واشتكيت الحر فناديتك، فظللت عليهم بالغمام، فما أطيق نعماك علي أن أعدها ولا أحصيها، وإن أردت شكرها لا أستطيعها. فجئتك اليوم راغبا طالبا سائلا متضرعا، لتعطيني ما منعت غيري، أطلب إليك وأسألك يا ذا العظمة والعزة والسلطان أن تريني أنظر إليك، فإني قد أحببت أن أرى وجهك الذي لم يره شئ من خلقك. قال له رب العزة: فلا ترى يا ابن عمران ما تقول؟
تكلمت بكلام هو أعظم من سائر الخلق، لا يراني أحد فيحيا، أليس في السماوات معمري، فإنهن قد ضعفن أن يحملن عظمتي، وليس في الأرض معمري، فإنها قد ضعفت أن تسع بجندي، فلست في مكان واحد فأتجلى لعين تنظر إلي. قال موسى: يا رب أن أراك وأموت، أحب إلي من أن لا أراك ولا أحيى، قال له رب العزة: يا ابن عمران تكلمت بكلام هو أعظم من سائر الخلق، لا يراني أحد فيحيا. قال: رب تمم علي نعماك، وتمم علي فضلك، وتمم علي إحسانك هذا الذي سألتك ليس لي أن أراك فأقبض، ولكن أحب أن أراك فيطمئن قلبي. قال له: يا ابن عمران لن يراني أحد فيحيا. قال: موسى رب تمم علي نعماك وفضلك، وتمم علي إحسانك هذا الذي سألتك ليس لي أن أراك فأموت على أثر ذلك أحب إلي من الحياة، فقال الرحمن المترحم على خلقه: قد طلبت يا موسى، وأعطيتك سؤلك إن استطعت أن تنظر إلي، فاذهب فاتخذ لوحين، ثم انظر إلى الحجر الأكبر في رأس الجبل، فإن ما وراءه وما دونه مضيق لا يسع إلا مجلسك يا ابن عمران، ثم انظر فإني أهبط إليك وجنودي من قليل وكثير. ففعل موسى كما أمره ربه، نحت لوحين ثم صعد بهما إلى الجبل، فجلس على الحجر: فلما استوى عليه، أمر الله جنوده الذين في السماء الدنيا، فقال: ضعي أكنافك حول الجبل، فسمعت ما قال الرب ففعلت أمره، ثم