شاهت الوجوه فانهزموا، فذلك قول الله عز وجل: وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى.
12297 - حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قال: رفع رسول الله (ص) يده يوم بدر، فقال: يا رب إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدا فقال له جبريل: خذ قبضة من التراب فأخذ قبضة من التراب، فرمى بها في وجوههم فما من المشركين من أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه تراب من تلك القبضة، فولوا مدبرين.
12298 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: قال الله عز وجل في رمي رسول الله (ص) المشركين بالحصباء من يده حين رماهم: ولكن الله رمى: أي لم يكن ذلك برميتك لولا الذي جعل الله فيها من نصرك، وما ألقى في صدور عدوك منها حين هزمتهم.
وروي عن الزهري في ذلك قول خلاف هذه الأقوال، وهو ما:
12299 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري: وما رميت إذ رميت قال: جاء أبي بن خلف الجمحي إلى النبي (ص) بعظم حائل، فقال: الله محيي هذا يا محمد وهو رميم؟ وهو يفت العظم. فقال النبي (ص):
يحييه الله، ثم يميتك، ثم يدخلك النار قال: فلما كان يوم أحد، قال: والله لأقتلن محمدا إذا رأيته فبلغ ذلك النبي (ص)، فقال: بل أنا أقتله إن شاء الله.
وأما قوله: وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا فإن معناه: ولينعم على المؤمنين بالله ورسوله بالظفر بأعدائهم، ويغنمهم ما معهم، ويثبت لهم أجور أعمالهم وجهادهم مع رسول الله (ص). وذلك البلاء الحسن، رمي الله هؤلاء المشركين. ويعني بالبلاء الحسن:
النعمة الحسنة الجميلة، وهي ما وصفت، وما في معناه.
12300 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال في قوله:
وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا: أي ليعرف المؤمنين من نعمه عليهم في إظهارهم على عدوهم مع كثرة عددهم وقلة عددهم، ليعرفوا بذلك حقه وليشكروا بذلك نعمته.