جل ثناؤه هو مسبب قتلهم، وعن أمره كان قتال المؤمنين إياهم، ففي ذلك أدل الدليل على فساد قول المنكرين أن يكون لله في أفعال خلقه صنع به وصلوا إليها. وكذلك قوله لنبيه عليه الصلاة والسلام: وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى فأضاف الرمي إلى نبي الله، ثم نفاه عنه، وأخبر عن نفسه أنه هو الرامي، إذ كان جل ثناؤه هو الموصل المرمي به إلى الذين رموا من به المشركين، والمسبب الرمية لرسوله. فيقال للمسلمين ما ذكرنا: قد علمتم إضافة الله رمي نبيه (ص) المشركين إلى نفسه بعد وصفه نبيه به وإضافته إليه ذلك فعل واحد كان من الله بتسبيبه وتسديده، ومن رسول الله (ص) الحذف والارسال، فما تنكرون أن يكون كذلك سائر أفعال الخلق المكتسبة: من الله الانشاء والانجاز بالتسبيب، ومن الخلق الاكتساب بالقوى؟ فلن يقولوا في أحدهما قولا إلا ألزموا في الآخر مثله.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
12288 - حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: فلم تقتلوهم لأصحاب محمد (ص)، حين قال هذا:
قتلت، وهذا: قتلت. وما رميت إذ رميت قال لمحمد حين حصب الكفار.
* - حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
12289 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى قال: رماهم رسول الله (ص) بالحصباء يوم بدر.
12290 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة، قال: ما وقع منها شئ إلا في عين رجل.
12291 - حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: ثنا أبي، قال:
ثنا أبان العطار، قال: ثنا هشام بن عروة، قال: لما ورد رسول الله (ص) بدرا قال: هذه مصارعهم. ووجد المشركون النبي (ص) قد سبقهم إليه ونزل عليه، فلما طلعوا عليه زعموا أن النبي (ص) قال: هذه قريش قد جاءت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك، اللهم إني أسألك ما وعدتني فلما أقبلوا استقبلهم، فحثا في وجوههم، فهزمهم الله عز وجل.