وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
11875 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، في قوله: فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء قال: فلما نسوا موعظة المؤمنين إياهم، الذين قالوا: لم تعظون قوما.
11876 - حدثني محمد بن المثنى، قال: ثنا حرمي، قال: ثني شعبة، قال:
أخبرني عمارة، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنجينا الذين ينهون عن السوء قال: يا ليت شعري ما السوء الذي نهوا عنه.
وأما قوله: بعذاب بئيس فإن القراء اختلفت في قراءته، فقرأته عامة قراء أهل المدينة: بعذاب بيس بكسر الباء وتخفيف الياء بغير همز، على مثال فعل. وقرأ ذلك بعض قراء الكوفة والبصرة: بعذاب بئيس على مثل فعيل من البؤس، بنصب الباء وكسر الهمزة ومدها. وقرأ ذلك كذلك بعض المكيين، غير أنه كسر بار: بئيس على مثال فعيل. وقرأه بعض الكوفيين: بيئس بفتح الباء، وتسكين الياء، وهمزة بعدها مكسورة على مثال فيعل. وذلك شاذ عند أهل العربية، لان فيعل إذا لم يكن من ذوات الياء والواو، فالفتح في عينه الفصيح في كلام العرب، وذلك مثل قولهم في نظيره من السالم:
صيقل، ونيرب، وإنما تكسر العين من ذلك في ذوات الياء والواو، كقولهم: سيد، وميت.
وقد أنشد بعضهم قول امرئ القيس بن عابس الكندي:
كلاهما كان رئيسا بيئسا * يضرب في يوم الهياج القونسا بكسر العين من فيعل، وهي الهمزة من بيئس. فلعل الذي قرأ ذلك كذلك قرأه على هذه. وذكر عن آخر من الكوفيين أيضا أنه قرأه: بيئس نحو القراءة التي ذكرناها قبل هذه، وذلك بفتح الباء وتسكين الياء وفتح الهمزة بعد الياء على مثال فيعل مثل صيقل.
وروي عن بعض البصريين أنه قرأه: بئس بفتح الباء وكسر الهمزة على مثال فعل، كما قال ابن قيس الرقيات: