البحر... إلى قوله: بما كانوا يفسقون قال ابن عباس: لا أسمع الفرقة الثالثة ذكرت نخاف أن نكون مثلهم. فقلت: أما تسمع الله يقول: فلما عتوا عما نهوا عنه؟ فسري عنه وكساني حلة.
11862 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: ثني رجل، عن عكرمة، قال: جئت ابن عباس يوما وهو يبكي، وإذا المصحف في حجره، فأعظمت أن أدنو، ثم لم أزل على ذلك حتى تقدمت فجلست، فقلت: ما يبكيك يا ابن عباس جعلني الله فداءك؟ فقال: هؤلاء الورقات. قال: وإذا هو في سورة الأعراف. قال: تعرف أيلة؟ قلت: نعم. قال: فإنه كان حي من يهود سيقت الحيتان إليهم يوم السبت ثم غاصت لا يقدرون عليها حتى يغوصوا بعد كد ومؤنة شديدة، كانت تأتيهم يوم السبت شرعا بيضا سمانا كأنها الماخض، تنتطح ظهورها لبطونها بأفنيتهم وأبنيتهم. فكانوا كذلك برهة من الدهر، ثم إن الشيطان أوحى إليهم، فقال: إنما نهيتم عن أكلها يوم السبت، فخذوها فيه وكلوها في غيره من الأيام فقالت ذلك طائفة منهم، وقالت طائفة منهم: بل نهيتم عن أكلها وأخذها وصيدها في يوم السبت. وكانوا كذلك حتى جاءت الجمعة المقبلة، فعدت طائفة بأنفسها وأبنائها ونسائها، واعتزلت طائفة ذات اليمين وتنحت، واعتزلت طائفة ذات اليسار وسكتت، وقال الأيمنون: الله ينهاكم عن أن تعترضوا لعقوبة الله، وقال الأيسرون: لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا؟ قال الأيمنون: معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون أي ينتهون، فهو أحب إلينا أن لا يصابوا ولا يهلكوا، وإن لم ينتهوا فمعذرة إلى ربكم. فمضوا على الخطيئة، فقال الأيمنون: قد فعلتم يا أعداء الله، والله لا نبايتكم الليلة في مدينتكم، والله ما نراكم تصبحون حتى يصيبكم الله بخسف أو قذف أو بعض ما عنده بالعذاب فلما أصبحوا ضربوا عليهم الباب ونادوا، فلم يجابوا، فوضعوا سلما وأعلوا سور المدينة رجلا، فالتفت إليهم فقال: أي عباد الله قردة والله تعاوى لها أذناب قال: ففتحوا فدخلوا عليهم، فعرفت القردة أنسابها من الانس، ولا تعرف الانس أنسابها من القردة، فجعلت القرود تأتي نسيبها من الانس، فتشم ثيابه وتبكي، فتقول لهم: ألم ننهكم عن كذا؟ فتقول برأسها نعم. ثم قرأ ابن عباس: فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون قال:
فأرى اليهود الذين نهوا قد نجوا، ولا أرى الآخرين ذكروا، ونحن نرى أشياء ننكرها، فلا نقول فيها، قال: قلت: أي جعلني الله فداك، ألا ترى أنهم قد كرهوا ما هم عليه وخالفوهم