والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: أريد بذلك المبالغة في خلوص ما في بطون الانعام التي كانوا حرموا ما في بطونها على أزواجهم، لذكورهم دون إناثهم، كما فعل ذلك بالراوية والنسابة والعلامة، إذا أريد بها المبالغة في وصف من كان ذلك من صفته، كما يقال: فلان خالصة فلان وخلصانه.
وأما قوله: ومحرم على أزواجنا فإن أهل التأويل اختلفوا في المعني بالأزواج، فقال بعضهم: عنى بها النساء. ذكر من قال ذلك:
10854 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: ومحرم على أزواجنا قال: النساء.
وقال آخرون: بل عنى بالأزواج البنات. ذكر من قال ذلك:
10855 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: ومحرم على أزواجنا قال: الأزواج: البنات. وقالوا: ليس للبنات منه شئ.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أخبر عن هؤلاء المشركين أنهم كانوا يقولون لما في بطون هذه الانعام، يعني أنعامهم: هذا محرم على أزواجنا. والأزواج إنما هي نساؤهم في كلامهم، وهن لا شك بنات من هن أولاده، وحلائل من هن أزواجه. وفي قول الله عز وجل: ومحرم على أزواجنا الدليل الواضح على أن تأنيث الخالصة كان لما وصفت من المبالغة في وصف ما في بطون الانعام بالخلوصة للذكور، لأنه لو كان لتأنيث الانعام لقيل: ومحرمة على أزواجنا، ولكن لما كان التأنيث في الخالصة لما ذكرت، ثم لم يقصد في المحرم ما قصد في الخالصة من المبالغة، رجع فيها إلى تذكير ما، واستعمال ما هو أولى به من صفته.
وأما قوله: وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء فاختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه يزيد بن القعقاع وطلحة بن مصرف في آخرين: وإن تكن ميتة بالتاء في تكن ورفع ميتة، غير أن يزيد كان يشدد الياء من ميتة، ويخففها طلحة.
10856 - حدثني بذلك المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي حماد، قال: ثنا عيسى، عن طلحة بن مصرف.