ذاكرا لاحرامه، فإن الله هو المنتقم منه، ولا كفارة لذنبه ذلك، ولا جزاء يلزمه له في الدنيا.
ذكر من قال ذلك:
9874 - حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ومن عاد فينتقم الله منه قال: من عاد بعد نهي الله بعد أن يعرف أنه محرم وأنه ذاكر لحرمه لم ينبغ لاحد أن يحكم عليه، ووكلوه إلى نقمة الله عز وجل. فأما الذي يتعمد قتل الصيد وهو ناس لحرمه، أو جاهل أن قتله محرم، فهؤلاء الذين يحكم عليهم.
فأما من قتله متعمدا بعد نهي الله وهو يعرف أنه محرم وأنه حرام، فذلك يوكل إلى نقمة الله، فذلك الذي جعل الله عليه النقمة. وهذا شبيه بقول مجاهد الذي ذكرناه قبل.
وقال آخرون: عني بذلك شخص بعينه. ذكر من قال ذلك:
9875 - حدثنا عمرو بن علي، قال: ثنا معتمر بن سليمان، قال: ثنا زيد أبو المعلى: أن رجلا أصاب صيدا وهو محرم، فتجوز له عنه. ثم عاد، فأرسل الله عليه نارا فأحرقته، فذلك قوله: ومن عاد فينتقم الله منه قال: في الاسلام.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندنا، قول من قال: معناه: ومن عاد في الاسلام لقتله بعد نهي الله تعالى عنه، فينتقم الله منه، وعليه مع ذلك الكفارة، لان الله عز وجل إذ أخبر أنه ينتقم منه لم يخبرنا، وقد أوجب عليه في قتله الصيد عمدا ما أوجب من الجزاء أو الكفارة بقوله: ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم أنه قد أزال عنه الكفارة في المرة الثانية والثالثة، بل أعلم عباده ما أوجب من الحكم على قاتل الصيد من المحرمين عمدا، ثم أخبر أنه منتقم ممن عاد، ولم يقل: ولا كفارة عليه في الدنيا.
فإن ظن ظان أن الكفارة مزيلة للعقاب، ولو كانت الكفارة لازمة له في الدنيا لبطل العقاب في الآخرة، فقد ظن خطأ. وذلك أن الله عز وجل أن يخالف بين عقوبات معاصيه بما شاء، وأحب فيزيد في عقوبته على بعض معاصيه مما ينقص من بعض، وينقص من بعض مما يزيد في بعض، كالذي فعل من ذلك في مخالفته بين عقوبته الزاني البكر والزاني الثيب المحصن، وبين سارق ربع دينار وبين سارق أقل من ذلك فكذلك خالف بين عقوبته قاتل الصيد من المحرمين عمدا ابتداء وبين عقوبته عودا بعد بدء، فأوجب على