حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ذكر لنا أن نبي الله إبراهيم عليه السلام فر به من جبار مترف، فجعل في سرب، وجعل رزقه في أطرافه، فجعل لا يمص أصبعا من أصابعه إلا وجد فيها رزقا فلما خرج من ذلك السرب أراه الله ملكوت السماوات، فأراه شمسا وقمرا ونجوما وسحابا وخلقا عظيما وأراه ملكوت الأرض، فأراه جبالا وبحورا وأنهارا وشجرا ومن كل الدواب، وخلقا عظيما.
وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب، قول من قال: عنى الله تعالى بقوله:
وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض أنه أراه ملك السماوات والأرض، وذلك ما خلق فيهما من الشمس والقمر والنجوم والشجر والدواب وغير ذلك من عظيم سلطانه فيهما، وجلى له بواطن الأمور وظواهرها لما ذكرنا قبل من معنى الملكوت في كلام العرب فيما مضى قبل.
وأما قوله: وليكون من الموقنين فإنه يعني: أنه أراه ملكوت السماوات والأرض ليكون ممن يتوحد بتوحيد الله، ويعلم حقية ما هداه له وبصره إياه من معرفة وحدانيته وما عليه قومه من الضلالة من عبادتهم واتخاذهم آله دون الله تعالى.
وكان ابن عباس يقول في تأويل ذلك، ما:
10488 - حدثني به محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: وليكون من الموقنين أنه جلى له الامر سره وعلانيته، فلم يخف عليه شئ من أعمال الخلائق فلما جعل يلعن أصحاب الذنوب، قال الله: إنك لا تستطيع هذا، فرده الله كما كان قبل ذلك.
فتأويل ذلك على هذا التأويل: أريناه ملكوت السماوات والأرض، ليكون ممن يوقن علم كل شئ حسا لا خبرا.
10489 - حدثني العباس بن الوليد، قال: أخبرني أبي، قال: ثنا أبو جابر، قال:
وحدثنا الأوزاعي أيضا قال: ثني خالد بن الحلاج، قال: سمعت عبد الرحمن بن عياش يقول: صلى بنا رسول الله (ص) ذات غداة، فقال له قائل: ما رأيت أسعد منك الغداة