إبراهيم عند رؤيته الكوكب أو القمر أو الشمس: هذا ربي، لم يكن لجهله بأن ذلك غير جائز أن يكون ربه وإنما قال ذلك على وجه الانكار منه أن يكون ذلك ربه، وعلى العيب لقومه في عبادتهم الأصنام، إذ كان الكوكب والقمر والشمس أضوأ وأحسن وأبهج من الأصنام، ولم تكن مع ذلك معبودة، وكانت آفلة زائلة غير دائمة، والأصنام التي دونها في الحسن وأصغر منها في الجسم، أحق أن لا تكون معبودة ولا آلهة. قالوا: وإنما قال ذلك لهم معارضة، كما يقول أحد المتناظرين لصاحبه معارضا له في قول باطل قال به بباطل من القول على وجه مطالبته إياه بالفرقان بين القولين الفاسدين عنده اللذين يصحح خصمه أحدهما ويدعي فساد الآخر. وقال آخرون منهم: بل ذلك كان منه في حال طفوليته وقبل قيام الحجة عليه، وتلك حال لا يكون فيها كفر ولا إيمان. وقال آخرون منهم: وإنما معنى الكلام: أهذا ربي على وجه الانكار والتوبيخ أي ليس هذا ربي. وقالوا: قد تفعل العرب مثل ذلك، فتحذف الألف التي تدل على معنى الاستفهام. وزعموا أن من ذلك قول الشاعر:
رفوني وقالوا يا خويلد لا ترع * فقلت وأنكرت الوجوه هم هم يعني: أهم هم؟ قالوا: ومن ذلك قول أوس:
لعمرك ما أدري وإن كنت داريا * شعيث بن سهم أم شعيث ابن منقر