9707 - حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان عن سليمان، عن سعيد بن جبير، قال: قال ابن عباس: كان الرجل يقوت بعض أهله قوتا دونا وبعضهم قوتا فيه سعة، فقال الله: من أوسط ما تطعمون أهليكم الخبز والزيت.
وأولى الأقوال في تأويل قوله: من أوسط ما تطعمون أهليكم عندنا قول من قال:
من أوسط ما تطعمون أهليكم في القلة والكثرة. وذلك أن أحكام رسول الله (ص) في الكفارات كلها بذلك وردت، وذلك كحكمه (ص) في كفارة الحلق من الذي بفرق من طعام بين ستين مساكين لكل مسكين نصف صاع، وكحكمه في كفارة الوطء في شهر رمضان بخمسة عشر صاعا بين ستين مسكينا لكل مسكين ربع صاع. ولا يعرف له (ص) شئ من الكفارات أمر بإطعام خبز وإدام ولا بغداء وعشاء. فإذا كان ذلك كذلك، وكانت كفارة اليمين إحدى الكفارات التي تلزم من لزمته، كان سبيلها سبيل ما تولى الحكم فيه (ص) من أن الواجب على مكفرها من الطعام مقدار للمساكين العشرة، محدود بكيل دون جمعهم على غداء أو عشاء مخبوز مأدوم، إذ كانت سنته (ص) في سائر الكفارات كذلك. فإذ كان صحيحا ما قلنا بما به استشهدنا، فبين أن تأويل الكلام: ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان، فكفارته إطعام عشرة مساكين من أعدل إطعامكم أهليكم، وأن ما التي في قوله: من أوسط ما تطعمون أهليكم بمعنى المصدر، لا بمعنى الأسماء. وإذا كان ذلك كذلك، فأعدل أقوات الموسع على أهله مدان، وذلك نصف صاع في ربعه إدامه، وذلك أعلى ما حكم به النبي (ص) في كفارة في إطعام مساكين، وأعدل أقوات المقتر على أهله وذلك ربع صاع، وهو أدنى ما حكم به في كفارة في إطعام مساكين. وأما الذين رأوا إطعام المساكين في كفارة اليمين الخبز واللحم وما ذكرنا عنهم قبل، والذين رأوا أن يغدوا أو يعشوا، فإنهم ذهبوا إلى تأويل قوله: من أوسط ما تطعمون أهليكم: من أوسط الطعام الذي تطعمونه أهليكم، فجعلوا ما التي في قوله: من أوسط ما تطعمون أهليكم اسما لا مصدرا، فأوجبوا على المكفر إطعام المساكين من أعدل ما يطعم أهله من الأغذية.
وذلك مذهب لولا ما ذكرنا من سنن رسول الله (ص) في الكفارات غيرها التي يجب إلحاق أشكالها بها، وأن كفارة اليمين لها نظيرة وشبيهة يجب إلحاقها بها.