عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قال: هو بالخيار في هؤلاء الثلاثة الأول فالأول، فإن لم يجد من ذلك شيئا فصيام ثلاثة أيام متتابعات.
وقال آخرون: جائز لمن صامهن أن يصومهن كيف شاء مجتمعات ومفترقات. ذكر من قال ذلك:
9760 - حدثني يونس، قال: أخبرنا أشهب، قال: قال مالك: كل ما ذكر الله في القرآن من الصيام، فأن يصام تباعا أعجب، فإن فرقها رجوت أن تجزي عنه.
والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله تعالى أوجب على من لزمته كفارة يمين إذا لم يجد إلى تكفيرها بالاطعام أو الكسوة أو العتق سبيلا، أن يكفرها بصيام ثلاثة أيام، ولم يشرط في ذلك متتابعة، فكيفما صامهن المكفر مفرقة ومتتابعة أجزأه لان الله تعالى إنما أوجب عليه صيام ثلاثة أيام، فكيفما أتى بصومهن أجزأ. فأما ما روي عن أبي وابن مسعود من قراءتهما فصيام ثلاثة أيام متتابعات فذلك خلاف ما في مصاحفنا، وغير جائز لنا أن نشهد بشئ ليس في مصاحفنا من الكلام أنه من كتاب الله. غير أني أختار للصائم في كفارة اليمين أن يتابع بين الأيام الثلاثة ولا يفرق، لأنه لا خلاف بين الجميع أنه إذا فعل ذلك فقد أجزأ ذلك عنه من كفارته. وهم في غير ذلك مختلفون، ففعل ما لا يختلف في جوازه أحب إلي وإن كان الآخر جائزا.
القول في تأويل قوله تعالى: ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون.
يعني تعالى ذكره بقوله: ذلك هذا الذي ذكرت لكم أنه كفارة أيمانكم من إطعام العشرة المساكين أو كسوتهم أو تحرير الرقبة، وصيام الثلاثة الأيام إذا لم تجدوا من ذلك شيئا هو كفارة أيمانكم التي عقدتموها إذا حلفتم واحفظوا أيها الذين آمنوا أيمانكم أن تحنثوا فيها ثم تضيعوا الكفارة فيها بما وصفته لكم. كذلك يبين الله لكم آياته كما بين لكم كفارة أيمانكم، كذلك يبين الله لكم جميع آياته، يعني: أعلام دينه، فيوضحها لكم، لئلا يقول المضيع المفرط فيما ألزمه الله: لم أعلم حكم الله في ذلك.
لعلكم تشكرون يقول: لتشكروا الله على هدايته إياكم وتوفيقه لكم. القول في تأويل قوله تعالى: