القول في تأويل قوله تعالى: وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها.
يقول تعالى ذكره: وإن تعدل النفس التي أبسلت بما كسبت، يعني وإن تعدل كل عدل يعني: كل فداء، يقال منه: عدل يعدل: إذا فدى، عدلا. ومنه قول الله تعالى ذكره: أو عدل ذلك صياما وهو ما عادله من غير نوعه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
10451 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها قال: لو جاءت بملء ء الأرض ذهبا لم يقبل منها.
10452 - حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي في قوله: وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها فما يعدلها، لو جاءت بملء ء الأرض ذهبا لتفتدى به ما قبل منها.
10453 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها قال: وأن تعدل: وإن تفتد يكون له الدنيا وما فيها يفتدي بها لا يؤخذ منه عدلا عن نفسه، لا يقبل منه.
وقد تأول ذلك بعض أهل العلم بالعربية بمعنى: وإن تقسط كل قسط لا يقبل منها وقال إنها التوبة في الحياة. وليس لما قال من ذلك معنى، وذلك أن كل تائب في الدنيا فإن الله تعالى يقبل توبته.
القول في تأويل قوله تعالى: أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون.
يقول تعالى ذكره: وهؤلاء الذين إن فدوا أنفسهم من عذاب الله يوم القيامة كل فداء لم يؤخذ منهم، هم الذين أبسلوا بما كسبوا يقول: أسلموا لعذاب الله، فرهنوا به جزاء بما كسبوا في الدنيا من الآثام والأوزار. لهم شراب من حميم والحميم: هو الحار في كلام العرب، وإنما هو محموم صرف إلى فعيل، ومنه قيل للحمام: حمام، لاسخانه الجسم ومنه قول مرقش: