وأصل الابسال: التحريم، يقال منه: أبسلت المكان: إذا حرمته فلم تقر به ومنه قوله الشاعر:
بكرت تلومك بعد وهن في الندى * بسل عليك ملامتي وعتابي أي حرام ومنه قولهم: وعتابي أسد آسد، ويراد به: لا يقربه شئ، فكأنه قد حرم نفسه. ثم يجعل ذلك صفة لكل شديد يتحامى لشدته، ويقال: أعط الراقي بسيلته، يراد بذلك: أجرته، شراب بسيل: بمعنى متروك، وكذلك المبسل بالجريرة، وهو المرتهن بها، قيل له مبسل لأنه محرم من كل شئ إلا مما رهن فيه وأسلم به ومنه قول عوف بن الأحوص الكلابي:
وإبسالي بني بغير جرم * بعوناه ولا بدم مراق وقال الشنفري:
هنالك لا أرجو حياة تسرني * سمير الليالي مبسلا بالجرائر فتأويل الكلام إذن: وذكر بالقرآن هؤلاء الذين يخوضون في آياتنا وغيرهم ممن سلك سبيلهم من المشركين، كيلا تبسل نفس بذنوبها وكفرها بربها، وترتهن فتغلق بما كسبت من إجرامها في عذاب الله. ليس لها من دون الله يقول: ليس لها حين تسلم بذنوبها فترتهن بما كسبت من آثامها أحد ينصرها فينقذها من الله الذي جازاها بذنوبها جزاءها، ولا شفيع يشفع لها، لوسيلة له عنده.