فأرسل إليه فدعاه، فقال: ما بالك يا عثمان؟ قال: إني تركته لله لكي أتخلى للعبادة.
وقص عليه أمره، وكان عثمان قد أراد أن يجب نفسه، فقال رسول الله (ص): أقسمت عليك إلا رجعت فواقعت أهلك فقال: يا رسول الله إني صائم. قال: أفطر فأفطر وأتى أهله. فرجعت الحولاء إلى عائشة قد اكتحلت وامتشطت وتطيبت، فضحكت عائشة فقالت: ما بالك يا حولاء؟ فقالت: إنه أتاها أمس. فقال رسول الله (ص): ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والنوم؟ ألا إني أنام وأقوم وأفطر وأصوم وأنكح النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني. فنزلت: يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا يقول لعثمان: لا تجب نفسك، فإن هذا هو الاعتداء. وأمرهم أن يكفروا أيمانهم، فقال: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان.
9634 - حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم قال: هم رهط من أصحاب النبي (ص) قالوا: نقطع مذاكيرنا، ونترك شهوات الدنيا، ونسيح في الأرض كما تفعل الرهبان. فبلغ ذلك النبي (ص)، فأرسل إليهم، فذكر ذلك لهم، فقالوا:
نعم، فقال رسول الله (ص): لكني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأنكح النساء، فمن أخذ بسنتي فهو مني، ومن لم يأخذ بسنتي فليس مني.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم وذلك أن رجالا من أصحاب محمد (ص) منهم عثمان بن مظعون حرموا النساء واللحم على أنفسهم، وأخذوا الشفار ليقطعوا مذاكيرهم لكي تنقطع الشهوة ويتفرغوا لعبادة ربهم.
فأخبر بذلك النبي (ص)، فقال: ما أردتم؟ فقالوا: أردنا أن نقطع الشهوة عنا ونتفرغ لعبادة ربنا ونلهو عن النساء. فقال رسول الله (ص): لم أومر بذلك، ولكني أمرت في ديني أن أتزوج النساء. فقالوا: نطيع رسول الله (ص). فأنزل الله: يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين... إلى قوله: الذي أنتم به مؤمنون.