الظالمون اليوم في ضلال مبين.
إن من الواضح أن الحجب سترتفع في النشأة الآخرة، لأن آثار الحق هناك أوضح من آثاره في عالم الدنيا بمراتب ومن الطبيعي أن تسلب المحكمة وآثار الأعمال نوم الغفلة من العين والأذن، وحتى عمي القلوب فإنهم سيعون الأمر ويعلمون الحق، إلا أن هذا الوعي والعلم لا ينفعهم شيئا.
وفسر بعض المفسرين كلمة (اليوم) في جملة لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين بيوم القيامة، أي إن معنى الآية: إنهم سيصبحون ناظرين سامعين، إلا أن هذا النظر والسمع سوف لا ينفعهم في ذلك اليوم، وسيكونون في ضلال مبين.
لكن يبدو أن التفسير الأول أصح (1).
ثم تؤكد الآية التالية مرة أخرى على مصير المنحرفين والظالمين في ذلك اليوم، فتقول: وأنذرهم يوم الحسرة إذا قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون.
من المعلوم أن ليوم القيامة أسماء مختلفة في القرآن المجيد، ومن جملتها يوم الحسرة حيث يتحسر المؤمنون المحسنون على قلة عملهم، ويا ليتهم كانوا قد عملوا أكثر، وكذلك يتحسر المسيئون، لأن الحجب تزول، وتتضح حقائق الأعمال ونتائجها للجميع.
واعتبر البعض جملة إذ قضي الأمر مرتبطة بانتهاء برامج ووقائع الحساب والجزاء والتكليف في يوم القيامة، واعتبرها بعضهم إشارة إلى فناء الدنيا، وعلى هذا التفسير فإن الآية تحذر هؤلاء وتخيفهم من يوم الحسرة، ذلك الحين الذي تفنى فيه الدنيا وهم في حالة الغفلة وعدم الإيمان.