" إمر " على وزن " شمر " وتطلق على العمل المهم العجيب أو القبيح للغاية.
وحقا، لقد كان ظاهر عمل الرجل العالم عجيبا وسيئا للغاية، فهل هناك عمل أخطر من أن يثقب شخص سفينة تحمل عددا من المسافرين!
وفي بعض الروايات نقرأ أن أهل السفينة انتبهوا إلى الخطر بسرعة وقاموا بإصلاح الثقب (الخرق) مؤقتا، ولكن السفينة أصبحت بعد ذلك معيبة وغير سالمة.
وفي هذه الأثناء نظر الرجل العالم إلى موسى (عليه السلام) نظرة خاصة وخاطبه: قال ألم أقل إنك لن نستطيع معي صبرا.
أما موسى الذي ندم على استعجاله، بسبب أهمية الحادثة، فقد تذكر عهده الذي قطعة لهذا العالم الأستاذ، لذا فقد التفت إليه قائلا: قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا. يعني لقد أخطأت ونسيت الوعد فلا تؤاخذني بهذا الاشتباه.
" لا ترهقني " مشتقة من " إرهاق " وتعني تغطية شئ ما بالقهر والغلبة، وتأتي في بعض الأحيان بمعنى التكليف، وفي الآية - أعلاه - يكون معناها: لا تصعب الأمور علي، ولا تقطع فيضك عني بسبب هذا العمل.
لقد انتهت سفرتهم البحرية وترجلوا من السفينة: فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله، وقد تم ذلك بدون أي مقدمات!
وهنا ثار موسى (عليه السلام) مرة أخرى حيث لم يستطع السكوت على قتل طفل برئ بدون أي سبب، وظهرت آثار الغضب على وجهه وملأ الحزن وعدم الرضا عينيه ونسي وعده مرة أخرى، فقام للاعتراض، وكان اعتراضه هذه المرة أشد من اعتراضه في المرة الأولى، لأن الحادثة هذه المرة كانت موحشة أكثر من الأولى، فقال (عليه السلام): قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس. أي إنك قتلت انسانا بريئا من دون أن يرتكب جريمة قتل، لقد جئت شيئا نكرا.