لا تؤمن بإرادتها وبشكل طبيعي أبدا، بل هم يؤمنون في حالتين فقط:
أولا: عندما يصيبهم العذاب الأليم الذي نزل مثله في الأقوام والأمم السابقة.
ثانيا: عندما يشاهدون العذاب الإلهي بأعينهم على الأقل وقد أشرنا مرارا إلى أن مثل هذا الإيمان هو إيمان عديم الفائدة.
ومن الضروري الانتباه هنا إلى أن مثل هؤلاء الناس لم يكونوا ينتظرون مثل هذه العاقبة أبدا، أما لأن هذه العاقبة كانت حتمية بالنسبة لهم وهي الشئ الوحيد الذي ينتهي إليه مصيرهم، لذا نرى القرآن قد طرحها على شكل انتظار، وهذا نوع من الكناية اللطيفة. ومثله أن تقول للشخص العاصي: إن أمامك - فقط - أن تنتظر لحظة الحساب، بمعنى أن الحساب والعقاب أمر حتمي بالنسبة له، وهو بذلك يعيش حالة انتظار للمصير المحتوم.
إن بعض حالات العصيان والغرور التي يصاب بها الإنسان قد تتسلط عليه بحيث لا يؤثر فيه لا الوحي الإلهي، ولا دعوات الأنبياء الهادية، ولا رؤية دروس وعبر الحياة الاجتماعية، ولا مطالعة تأريخ الأمم السابقة. إن الذي ينفع مع هذه الفئة من الناس هو العذاب الإلهي الذي يعيد الإنسان إلى رشده، ولكن عند نزول العذاب تغلق أبواب التوبة، ولا يوجد ثمة طريق للرجعة والاستغفار.
ومن أجل طمأنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في مقابل صلافة وعناد أمثال هؤلاء، تقول الآية: وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين.
ثم تقول الآية: إن هذه القضية ليست جديدة، بل إن من واقع هؤلاء الأشخاص المعارضة والاستهزاء بآيات الله: ويجادل الذين كفروا بالباطل