إن الأحجار تتلاشي وتتحول إلى تراب، وأصل الحياة ينبع من هذا التراب.
الحديد هو الآخر يتلاشى ويتفاعل مع باقي الموجودات على الكرة الأرضية ليدخل في أصل مادتها وفي تركيبها الترابي الذي هو أيضا أصل الحياة الذي تنبع من داخله ومن مادته الموجودات الحية. وهكذا تحتوي جميع موجودات الكرة الأرضية بما فيها الإنسان، في بنائها وتركيبها على خليط من الفلزات واللا فلزات. وهذا التحول والتغير في حركة الموجودات، دليل على أن جميع مخلوقات عالم الوجود لها قابلية التحول إلى موجود حي باختلاف واحد يقع في الدرجة والمرحلة، إذ بعضها يكون في مرتبة أقرب إلى الحياة مثل التراب، بينما بعضها الآخر يكون في مرتبة أبعد مثل الحجارة والحديد.
السؤال التشكيكي الآخر الذي يثيره منكرو المعاد هو: إذا سلمنا بأن هذه العظام المندثرة المتلاشية يمكن أن تعود إلى الحياة، فمن يستطيع أن يقوم بهذا الأمر، ومن الذي له قدرة القيام بهذه العملية المعقدة للغاية؟
هذا السؤال تصوغه الآية بالقول على لسان المنكرين: فسيقولون من يعيدنا القرآن يجيب على هذا السؤال حيث يقول: قل الذي فطركم أول مرة. إذا كان شككم في (القابلية) فقد كنتم ترابا في أول الأمر، فما المانع أن تصيرون ترابا، ثم يعيدكم مرة أخرى إلى الحياة من نفس التراب؟!
وإذا كان شككم في (الفاعلية) فإن الخالق الذي خلقكم في البداية من تراب يستطيع مرة أخرى أن يكرر هذا العمل لأن: " حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز سواء ".
بعد الانتهاء من الشك الأول والثاني الذي يطلقه المنكرون للمعاد، تنتقل الآيات إلى الشك الثالث الذي تصوغه على لسانهم بهذا السؤال: فسينغضون إليك رؤوسهم ويقولون متى هو.
" سينغضون " مشتقة من مادة " إنغاض " بمعنى مد الرأس نحو الطرف المقابل