منكرو المعاد، ففي البداية تحكي الآيات على لسان المنكرين استفهامهم: قالوا أإذا كنا عظاما ورفا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا (1). يقول هؤلاء: هل يمكن أن تجتمع هذه العظام المتلاشية الداثرة المتناثرة في كل مكان؟ وهل يمكن أن تعاد لها الحياة مرة أخرى؟!. ثم أين هذه العظام النخرة المتناثرة في كل حدب وصوب من هذا الإنسان الحي القوي العاقل؟
إن التعبير القرآني في هذه الآية الكريمة يدلل على أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يبين في دعوته (المعاد الجسماني) بعد موت الإنسان، إذ لو كان الكلام عن معاد الروح فقط، لم يكن ثمة سبب لإيراد مثل هذه الإشكالات من قبل المعارضيين والمنكرين.
القرآن في إجابته على هؤلاء يبين أن قضية بعث عظام الإنسان سهلة وممكنة، بل وأكثر من ذلك، فحتى لو كنتم حجارة أو حديدا: قل كونوا حجارة أو حديدا وحتى لو كنتم أشد من الحجر والحديد وأبعد منهما من الحياة: أو خلقا مما يكبر في صدوركم فإن البعث سيكون مصيركم.
من الواضح أن العظام بعد أن تندثر وتتلاشى تتحول إلى تراب، والتراب فيه دائما آثار الحياة، إذ النباتات تنمو في التربة، والأحياء تنمو في التراب، وأصل خلقه الإنسان هي من التراب، وهذا كلام مختصر على أن التراب هو أساس الحياة.
أما الحجارة أو الحديد أو ما هو أكبر منهما تحدى به القرآن منكري المعاد، فإن كل هذه أمور بينها وبين الحياة بون شاسع، إذ لا يمكن للنبات مثلا أن ينبت في الحديد أو الضحور أما القرآن فيبين أن لا فرق عند الخالق جل وعلا، من أي مادة كنتم، إذ أن عودتكم إلى الحياة بعد الموت تبقى ممكنة، بل وهي المصير الذي لابد وأن تنتهون إليه.