الرسول فيها هو المتلقي، وبمرور الزمن له تستطيع يد التحريف والتزوير أن تمتد إليه بمقتضى قوله تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون فالله هو الذي يتكفل حمايته وحراسته.
لذا فإن هذا الماء النقي الصافي الوحي الإلهي القويم لم تناله يد التحريف والتبديل منذ عصر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وحتى نهاية العالم.
الآية التي تليها ترد على واحدة من ذرائع المعارضين وحججهم، إذ كانوا يقولون: لماذا لم ينزل القرآن دفعة واحدة على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولماذا كان نزوله تدريجيا؟ كما تشير إلى ذلك الآية (32) من سورة الفرقان التي تقول: وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة، كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا فيقول الله في جواب هؤلاء: وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث (1) حتى يدخل القلوب والأفكار ويترجم عمليا بشكل كامل.
ومن أجل التأكيد أكثر تبين الآية - بشكل قاطع - أن جميع هذا القرآن أنزلناه نحن: ونزلناه تنزيلا.
إن القرآن كتاب السماء إلى الأرض، وهو أساس الإسلام ودليل لجميع البشر، والقاعدة المتينة لجميع الشرائع القانونية والاجتماعية والسياسية والعبادية لدنيا المسلمين، لذلك فإن شبهة هؤلاء في عدم نزوله دفعة واحدة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يجاب عليها من خلال النقاط الآتية:
أولا: بالرغم من أن القرآن هو كتاب، إلا أنه ليس ككتب الإنسان المؤلفة حيث يجلس المؤلف ويفكر ويكتب موضوعا، ثم ينظم فصول الكتاب وأبوابه لينتهي من تحرير الكتاب، بل القرآن له ارتباط دقيق بعصره، أي ارتباط ب (23) سنة، هي عصر نبوة نبي الإسلام بكل ما كانت تتمخض به من حوادث وقضايا.