لقد ذكر المفسرون آراء مختلفة في الفرق بين الجملة الأولى: وبالحق أنزلناه والجملة الثانية: وبالحق نزل منها:
1 - المراد من الجملة الأولى: إننا قدرنا أن ينزل القرآن بالحق. بينما تضيف الجملة الثانية أن هذا الأمر أو التقدير قد تحقق، لذا فإن التعبير الأول يشير إلى التقدير، بينما يشير الثاني إلى مرحلة الفعل والتحقق (1).
2 - الجملة الأولى تشير إلى أن مادة القرآن ومحتواه هو الحق، أما التعبير الثاني فإنه يبين أن نتيجته وثمرته هي الحق أيضا (2).
3 - الرأي الثالث يرى أن الجملة الأولى تقول: إننا نزلنا هذا القرآن بالحق بينما الثانية تقول: إن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يتدخل في الحق ولم يتصرف به، لذا فقد نزل الحق.
وثمة احتمال آخر قد يكون أوضح من هذه التفاسير، وهو أن الإنسان قد يبدأ في بعض الأحيان بعمل ما، ولكنه لا يستطيع اتمامه بشكل صحيح وذلك بسبب من ضعفه، أما بالنسبة للشخص الذي يعلم بكل شئ ويقدر على كل شئ، فإنه يبدأ بداية صحيحة، وينهي العمل نهاية صحيحة. وكمثال على ذلك الشخص الذي يخرج ماء صافيا من أحد العيون، ولكن خلال مسير هذا الماء لا يستطيع ذلك الشخص أن يحافظ على صفاء هذا الماء ونظافته أو يمنعه من التلوث، فيصل الماء في هذه الحالة إلى الآخرين وهو ملوث. إلا أن الشخص القادر والمحيط بالأمور، يحافظ على بقاء الماء صافيا وبعيدا عن عوامل التلوث حتى يصل إلى العطاشى والمحتاجين له.
القرآن كتاب نزل بالحق من قبل الخالق، وهو محفوظ في جميع مراحله سواء في المرحلة التي كان الوسيط فيها جبرائيل الأمين، أو المرحلة التي كان