مجموعة أو مجموعتين من الناس، بل إن أكثر الناس وفي امتداد تأريخ النبوات قد تذرعوا به في مقابل الأنبياء والرسل.
قوم نوح (عليه السلام) - مثلا - كانوا يعارضون نبيهم بمثل هذا المنطق ويصرحون: ما هذا إلا بشر مثلكم كما حكت ذلك الآية (24) من سورة المؤمنون.
أما قوم هود فقد كانوا يواجهون نبيهم بالقول: ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون كما ورد في الآية (33) من سورة المؤمنون. ثم أضافت الآية (34) من نفس السورة قولهم: ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون.
نفس هذه الذريعة تمسك بها المشركون ضد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمام دعوة الإسلام التي جاء بها، إذ قالوا: ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا (1).
القرآن الكريم أجاب هؤلاء جميعا في جملة قصيرة واحدة مليئة بالمعاني والدلالات، قال تعالى: قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا.
يعني أن القائد يجب أن يكون من سنخ من بعث إليه، ومن جنس أتباعه، فالإنسان لجماعة البشر، والملك لجماعة الملائكة.
ودليل هذا التجانس والتطابق بين القائد وأتباعه واضح، فمن جانب يعتبر التبليغ العملي أهم وظيفة في عمل القائد من خلال كونه قدوة وأسوة، وهذا لا يتم إلا أن يكون القائد من جنسهم، يمتلك نفس الغرائز والأحاسيس، ونفس مكونات البناء الجسمي والروحي الذي يملكه كل فرد من أفراد جماعته، فلو كان الرسول إلى البشر من جنس الملائكة الذين لا يملكون الشهوة ولا يحتاجون إلى الطعام والمسكن والملبس، فلا يستطيع أن يتمثل معنى الأسوة والقدوة لمن