والمعاندين، بأن الله خبير وبصير ويشهد أعمالنا وأعمالكم، فلا تظنوا بأنكم خارجون عن محيط قدرته أو أن شيئا من أعمالكم خاف عنه.
الأمر الثاني: هو أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أظهر إيمانه القاطع بما قال، حيث أن ايمان المتحدث القوي بما يقول له أثر نفسي عميق في المستمع، وعسى أن يكون هذا التعبير القاطع والحاسم المقرون بنوع من التهديد مؤثرا فيهم، ويهز وجودهم، ويوقظ فكرهم ووجدانهم ويهديهم إلى الطريق الصحيح.
الآية التالية تؤكد على أن الشخص المهتدي هو الذي قذف الله تعالى بنور الإيمان في قلبه: ومن يهدي الله فهو المهتد أما من أظله الله بسوء أعماله:
ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه. فالطريق الوحيد هو أن يرجعوا إليه ويطلبوا نور الهداية منه.
هاتان الجملتان تثبتان أن الدليل القوي والقاطع لا يكفي للإيمان، فما لم يكن هناك توفيق إلهي لا يستقر الإيمان أبدا.
هذا التعبير يشبه دعوتنا لمجموعة لأن تفعل الخير بعد أن نشرح لهم أهمية الموضوع بواسطة الأدلة المختلفة، إلا أن الحصيلة العملية ستكون موافقة البعض، وامتناع البعض الآخر عن فعل الخير برغم صحة الأدلة. وبذلك لا يكون كل واحد لائقا لفعل الخير.
وهذه حقيقة فليس كل قلب يليق لأن ينال نور الحق، إضافة إلى أن الكلام يثير المستمع، وقد يحدث أن يترك الشخص بتأثير هذا الكلام عناده ولجاجته ليثبت لياقته للحق ويستسلم له.
وقلنا مرارا: إن الهداية والضلالة الإلهيتين ليستا شيئين جبريين، بل تخضعان للأثر المباشر لأعمال الإنسان وصفاته، فالأشخاص الذين جاهدوا أنفسهم وسعوا بجدية في طريق القرب الإلهي، فمن البديهي أن الله سيوفقهم