تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٦٦٨
[إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا (150)] وإخفائه تشبيب له ولذلك رتب عليه قوله:
فإن الله كان عفوا قديرا: أي يكثر العفو عن العصاة، مع كمال قدرته على الانتقام فأنتم لعدم كمال قدرتكم أولى بذلك، وهو حث المظلوم على العفو بعد ما رخص له في الانتصار حملا على مكارم الأخلاق.
وفي تقديم العفو على القدير إشارة لطيفة إلى أن العافي من كمال عفوه، أن لا يشعر بقدرته حين العفو، ليتم إحسانه بالنسبة إلى المعفو عنه، ولا يصير كا لمن بعد الصدقة.
إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله: بأن يؤمنوا بالله ويكفروا برسله.
ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض: نؤمن ببعض الأنبياء ونكفر ببعض، كما فعلته اليهود صدقوا بموسى ومن تقدمه من الأنبياء، وكذبوا عيسى ومحمدا (صلوات الله عليهما)، وكما فعلت النصارى صدقوا عيسى ومن تقدمه، وكذبوا محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم)، هكذا قيل (1).
والأولى أن يفسر التفريق بالايمان بالله والايمان بالرسل، أو ببعضهم، ويجعل قوله: " ويقولون " بيانا للتفريق، ليناسبه قوله:
ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا: طريقا وسطا بين الايمان والكفر،

(١) أورده السيوطي في تفسيره الدر المنثور: ج ٢ ص ٧٢٥ نقلا عن قتادة، لاحظ تفسيره لآية 150 من سورة النساء.
(٦٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 663 664 665 666 667 668 669 670 671 672 673 ... » »»
الفهرست