الذين يصلون " عبارة عن الأشجع حين صاروا إلى بني ضمرة المعاهدين: " والذين جاؤوكم حصرت صدورهم " أيضا عبارة عنهم حين جاؤوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وفي الخبرين الأولين: جعل الأول عبارة عن الأسلميين والثاني عبارة عن بني مدلج (فمدفوع إن صح النقل، بحملهما على أنهما من أشجع أيضا، أو يجعل ما يتناوله العبارة فرقتين، الأول الأسلميون وأشجع، والثاني بني مدلج وأشجع) (1).
ولو شاء الله لسلطهم عليكم: بأن قوى قلوبهم وبسط صدورهم، وأزال الرعب عنهم.
فلقاتلوكم: ولم يكفوا عنكم.
فإن اعتزلوكم فلم يقتلوكم: ولم يتعرضوا لكم.
وألقوا إليكم السلم: الاستسلام والانقياد.
فما جعل الله لكم عليهم سبيلا: فما أذن لكم في أخذهم وقتلهم.
وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كانت سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل نزول سورة براءة ألا يقتل إلا من قاتله، ولا يجارب إلا من حاربه وأراده، وقد كان نزل عليه في ذلك من الله (عز وجل): " فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا " فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يقاتل أحدا قد تنحى عنه واعتزله، حتى نزلت عليه سورة براءة، وأمر بقتل المشركين من اعتزله ومن لم يعتزله إلا الذين قد كان عاهدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم فتح مكة إلى مدة، منهم صفوان ابن أمية وسهيل بن عمرو، والحديث طويل، وهو مذكور بتمامه في أول براءة (2).