وأخصبت بلاد بني ضمرة، فصارت أشجع إلى بلاد بني ضمرة، فلما بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مسيرهم إلى بني ضمرة تهيأ للمصير إلى أشجع فيغزوهم للموادعة التي كانت بينه وبين بني ضمرة، فأنزل الله " ودوا لو تكفرون كما كفروا " الآية ثم استثنى بأشجع فقال " إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم " الآية، وكانت أشجع محالها البيضاء والحل والمستباح، وقد كانوا قربوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهابوا من رسول الله أن يبعث إليهم من يغزوهم، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد خافهم أن يصيبوا من أطرافه شيئا، فهم بالمسير إليهم، فبينما هو على ذلك، إذ جاءت أشجع ورئيسها مسعود بن رجيلة، وهم سبعمائة، ونزلوا شعب سلع (1)، وذلك في شهر ربيع الآخر سنة ست، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أسيد بن حصين، فقال له: اذهب في نفر من أصحابك حتى تنظر ما أقدم أشجع، فخرج أسيد ومعه ثلاثة نفر من أصحابه فوقف عليهم، فقال: ما أقدمكم؟ فقام إليه مسعود بن رجيلة وهو رئيس أشجع فسلم على أسيد وعلى أصحابه، وقالوا: جئنا لنوادع محمدا، فرجع أسيد إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره، فقال رسول الله: خاف القوم أن أغزوهم فأرادوا الصلح بيني وبينهم، ثم بعث إليهم بعشرة أجمال تمر فقدمها أمامه، ثم قال: نعم الشئ الهدية أمام الحاجة، ثم أتاهم، فقال: يا معشر أشجع ما أقدمكم؟ قالوا:
قربت دارنا منك، وليس في قومنا أقل عددا منا، فضقنا بحربك لقرب دارنا منك، وضقنا لحرب قومنا لقلتنا فيهم، فجئنا لنوادعك، فقبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك منهم ووادعهم، فأقاموا يومهم ثم رجعوا إلى بلادهم، وفيهم نزلت هذه الآية: " إلا الذين يصلون " (2) الآية.
فما يتراءى من هذا النقل من منافاته لما سبق لأنه في هذا النقل جعل " إلا