تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٣٣٩
يخطبن على أنفسهن، فهذه قصة حواء (صلوات الله عليها) (1).
وفي تفسير العياشي: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: خلقت حواء من قصيرا جنب آدم، والقصير هو الضلع الأصغر، وأبدل الله مكانه لحما (1).
وقيل في الجمع بين الخبرين: كونها مخلوقة من ضلعه الأيسر إشارة إلى أن الجهة الجسمانية في النساء أقوى منها في الرجال، والجهة الروحانية الملكية بالعكس من ذلك، وذلك لان اليمين مما يكنى به عن عالم الملكوت الروحاني، والشمال مما يكنى به عن عالم الملك الجسماني، فالطين عبارة عن مادة الجسم، واليمين عبارة عن مادة الروح، ولا ملك إلا بملكوت، وهذا هو المعنى بقوله (عليه السلام): (وكلتا يديه يمين) فالضلع الأيسر المنقوص من آدم كناية عن نقص الشهوات التي تنشأ من غلبة الجسمية التي هي من عالم الخلق، وهو فضل طينته المستنبطة من باطنه التي صارت مادة لخلق حواء. فتنه في الحديث على أن جهة الملكوت والامر في الرجال أقوى من جهة الملك والخلق، وبالعكس منهما في النساء، فإن الظاهر عنوان الباطن، وهذا هو السر في هذا النقص في أبدان الرجال بالإضافة إلى النساء، وأسرار الله لا ينالها إلا أهل السر، فالتكذيب في كلام المعصومين (صلوات الله عليهم) إنما يرجع إلى ما فهمته العامة من حمله على الظاهر، دون أصل الحديث (3).
وبث منهما رجالا كثيرا ونساء: بيان لكيفية تولدهم منهما.
والمعنى: ونشر من تلك النفس والروح المخلوق منهما بنين وبنات كثيرة، واكتفى بوصف الرجال بالكثرة عن وصف النساء بها، لكونهم أصلا بالنسبة إليهن، وتوصيفهم يدل على توصيفهن وذكر " كثيرا " حملا على الجمع. وترتيب الامر بالتقوى على هذه القصة، لما فيها من الدلالة على القدرة القاهرة التي من حقها أن تخشى، والنعمة الباهرة التي توجب طاعة مولاها. أو لان المراد به تمهيد الامر

(١) علل الشرائع: ج ١ ص ١٧ باب ١٧ علة كيفية بدو النسل قطعة من ح ١.
(٢) تفسير العياشي: ج ١ ص ٢١٥ ح 2.
(3) ما ذكره المصنف من الجمع مقتبس من تفسير الصافي. ج 1 ص 383، لاحظ تفسيره لقوله تعالى:
" وخلق منها زوجها ".
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»
الفهرست