ولد يموت، أو دار تخرب، أو مال يفنى، وأجل قد اقترب، فرق له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلم يزل يقاتل حتى أثخنته الجراحة، وهو في وجه وعلي (عليه السلام) في وجه، فلما سقط احتمله علي (عليه السلام) فجاء به إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فوضعه عنده، فقال: يا رسول الله أوفيت ببيعتي؟ قال: نعم، وقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): خيرا، وكان الناس يحملون على النبي (صلى الله عليه وآله) الميمنة فيكشفهم علي (عليه السلام) فإذا كشفهم أقبلت الميسرة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فلم يزل كذلك حتى تقطع سيفه بثلاث قطع، فجاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فطرحه بين يديه فقال: هذا سيفي تقطع، فيومئذ أعطاه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذو الفقار، ولما رأى النبي (صلى الله عليه وآله) اختلاج ساقيه (1) من كثرة القتال رفع رأسه إلى السماء وهو يبكي، وقال: يا رب وعدتني أن تظهر دينك وإن شئت لم يعيك، فأقبل على (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال يا رسول الله: أسمع دويا شديدا، وأسمع (أقدم حيزوم) (2) وما أهم أضرب أحدا إلا سقط ميتا قبل أن أضربه؟ فقال: هذا جبرئيل (عليه السلام) وميكائيل وإسرافيل في الملائكة.
ثم جاءه جبرئيل (عليه السلام) فوقف إلى جنب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا محمد إن هذه لهي المواساة (3)، فقال (صلى الله عليه وآله