تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٣
ابن أبي العلاء الخفاف، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لما انهزم الناس يوم أحد (1) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انصرف إليهم بوجهه وهو يقول: أنا محمد أنا رسول الله لم اقتل، ولم أمت، فالتفت إليه فلان وفلان فقالا: الآن يسخر بنا أيضا وقد هزمنا، وبقي معه علي وسماك بن خرشة أبو دجانة (2) فدعاه النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا أبا دجانة انصرف وأنت في حل من بيعتك، فأما علي فهو أنا وأنا هو، فتحول وجلس بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبكى، وقال: لا والله ورفع رأسه إلى السماء وقال: لا والله لا جعلت نفسي في حل من بيعتي إني بايعتك (3) فإلى من انصرف يا رسول الله إلى زوجة تموت، أو

(١) أحد: بضم أوله وثانيه معا: اسم الجبل الذي كانت عنده غزوة أحد، وهو مرتجل لهذا الجبل، وهو جبل أحمر، ليس بذي شناخيب، وبينه وبين المدينة قرابة ميل في شماليها، وعنده كانت الوقعة الفظيعة التي قتل فيها حمزة عم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وسبعون من المسلمين، وكسرت رباعية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وشج وجهه الشريف وكلمت شفته، وكان يوم بلاء وتمحيص، وذلك لسنتين وتسعة أشهر وسبعة أيام من مهاجرة النبي (صلى الله عليه وآله)، وهو في سنة ثلاث. وفي الحديث أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: أحد جبل يحبنا ونحبه، وهو على باب من أبواب الجنة، وعبر جبل يبغضنا ونبغضه وهو على باب من أبواب النار (معجم البلدان: ج ١ ص ١٤٤ لغة أحد).
(2) باب سماك: بالسين المهملة المكسورة، والميم المخففة المفتوحة، والألف والكاف كما عن تقريب ابن حجر: سماك بن خرشة: أبو دجانة الأنصاري الخزرجي الساعدي، عده ابن عبد البر وابن مندة وأبو نعيم من الصحابة، وقالوا: إنه مشهور بكنيته، يعني أبا دجانة، شهد بدرا واحدا وجميع المشاهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأعطاه رسول الله سيفه يوم أحد وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) من يأخذ هذ السيف بحقه فأحجم القوم، فقال أبو دجانة: أنا آخذه بحقه، فدفعه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ففلق به هام المشركين، وكان من الشجعان المشهورين بالشجاعة، وكانت له عصابة حمراء يعرف بها في الحرب، والأكثر على أنه قتل يوم اليمامة بعد ما أبلى فيهاب لاء وعظيما، وقيل: بل عاش حتى شهد صفين مع أمير المؤمنين (عليه السلام) (تلخيصا من تنقيح المقال:
ج 2 ص 68 تحت رقم 5274).
(3) إني بايعتك: بايعت مفاعلة من البيع، وكانوا إذا بايعوا أحد قبضوا على يده اليمنى توكيدا للامر، فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري، فجاءت المفاعلة في بايعت من ذلك. وأما البيعة فهي عرفا معاهدته على تسليم النظر في كل الأمور إليه على وجه لا ينازع ولا ينصرف عنه ولو قتل: (شرح روضة الكافي للعلامة المازندراني: ج 12 ص 425).
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»
الفهرست