تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ١٨٨
وتطاولت الحروب مائة وعشرين سنة حتى أطفأها الله تعالى بالاسلام وألف بينهم برسوله (صلى الله عليه وآله) (1).
وكنتم على شفا حفرة من النار: أي مشفين على الوقوع في نار جهنم، إذ لو أدرككم الموت في تلك الحال لوقعتم فيها.
فأنقذكم منها: بالاسلام.
والضمير لل‍ (حفرة) أو ل‍ (النار) أو لل‍ (شفا) وتأنيثه لتأنيث ما أضيف إليه، أو لأنه بمعنى الشفة، فإن شفاء البئر وشفتها طرفها، كالجانب والجانبة. وأصله (شفو) فقلبت الواو في المذكر وحذف في المؤنث.
وفي روضة الكافي: علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: " وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها " بمحمد. هكذا والله نزل بها جبرئيل (2) على محمد (صلى الله عليه وآله) (3).

(١) مجمع البيان: ج ٢ ص ٤٨٢. والكشاف: ج ١ ص ٣٩٥ ومن أراد الاطلاع أكثر من ذلك فعليه بمراجعة الكامل لابن الأثير: ج ١ من ص ٦٥٥ إلى ٦٨٠.
(٢) قد تكرر في الحديث مثل هذ التعبير، بشأن كثير من الآيات، ورد في تفسيرها: انها نزلت كذا، أو نزل بها جبرائيل كذا، والمراد: بيان شأن النزول، حسب المصطلح اليوم. اي ان المقصود بنزول الآية والمناسبة المستدعية لنزولها كان كذا.
كما ورد في قوله (صلى الله عليه وآله): " ان فيكم من يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله. وهو علي بن أبي طالب " (تفسير العياشي: ج ١ ص ١٥ ح ٦.
فقد قاتل (صلى الله عليه وآله) على تنزيل القرآن أي تطبيقه الخاص بمورد نزوله. وسيقاتل علي (عليه السلام) على تأويله، أي تطبيقه العام على موارد مشابهة لنزوله تماما.
فالتعبير " بمحمد " جاء لبيان انه الوسيلة التي تحقق بها هذا الانقاذ، وهو المقصود من فاعل الانقاذ بالمباشر. لا ان الآية كانت كذلك.. وان توهمه بعض من لا خبرة له بلحن الكلام.
والدليل القاطع على إرادة هذا المعنى، وفرة الروايات واتفاق كلمة الاعلام على أنه تفسير لا غير، ومن ثم اختلفت التعابير. فتارة: عبر بالاسلام. وأخرى: برسول الله. وثالثة: بمحمد. وما شابه من تعابير، كلها ينم عن حقيقة واحدة: هو بيان وسيلة الانقاذ.
وحتى المصنف نفسه جعل من هذه التعابير تفسيرا لا إرادة التغيير. قال - عند تفسير الآية " كنتم خير أمة.. ": أي بهذا المعنى نزلت.
(٣) الكافي: ج ٨ ص ١٥٩ ح 208.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست