تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ١٧٥
. في مصباح الشريعة: قال الصادق (عليه السلام): واعلم بأن الله تعالى لم يفرض الحج ولم يخصه من جميع الطاعات بالإضافة إلى نفسه بقوله تعالى: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " ولا شرع نبيه (صلى الله عليه وآله) سنته في خلال المناسك على ترتيب ما شرعه إلا لاستعلائه ولإشارة إلى الموت والقبر والبعث والقيامة وفصل بيان السابقة من الدخول في الجنة أهلها ودخول النار أهلها بمشاهدة مناسك الحج من أولها إلى آخرها لأولي الألباب وأولي النهى (1).
ومن كفر فإن الله غنى عن العلمين: وضع " كفر " موضع " لم يحج " تأكيدا لوجوبه، تغليظا على تاركه.
وقد أكد أمر الحج في هذه الآية من وجوه.
الدلالة على وجوبه بصيغة الخبر، وإبرازه في صورة الاسمية، وإيراده على وجه يفيد أنه حق واجب الله في رقاب الناس، وتعميم الحكم أولا وتخصيصه ثانيا، فإنه كإيضاح بعد إبهام وتنبيه وتكرير للمراد. وتسميته ترك الحج كفرا من حيث إنه فعل الكفرة. وذكر الاستغناء فإنه في هذا الموضع يدل على المقت والخذلان، وإيراد (عن العالمين) بدل عنه لما فيه من التعميم والدلالة على الاستغناء عنه بالبرهان والاشعار بعظم السخط، وذلك لأنه تكليف شاق جامع بين كسر النفس وإتعاب البدن وصرف المال، والتجرد عن الشهوات، والاقبال على الله.
وفي من لا يحضره الفقيه: في وصية النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه) السلام): يا علي تارك الحج وهو مستطيع كافر، يقول الله (تبارك وتعالى): " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " يا علي من سوف الحج حتى يموت بعثه الله يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا (2).
وفي الكافي: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم البحلي، ومحمد بن يحيى، عن العمركي بن علي جميعا، عن علي بن جعفر عن أخيه

(١) مصباح الشريعة: ص ٤٩ الباب الواحد والعشرون في الحج ذيل الحديث.
(٢) من لا يحضره الفقيه: ج ٤ ص ٢٦٦ باب النوادر، وهو آخر أبواب الكتاب، قطعة من ح 1.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست