وجاءهم البينات: استبعاد لان يهديهم الله، فإن الجائر عن الحق بعد ما وضع له منهمك في الضلال بعيد عن الرشاد.
وقيل: نفي وإنكار له، وذلك يقتضي أن لا يقبل توبة المرتد.
وهذا حق في حق الرجل المولود على الاسلام، دون المولود على الكفر والمرأة.
ويمكن أن يقال: المتبادر من (بعد إيمانهم)، كونهم مؤمنين بحسب الفطرة، ومن (جاءهم البينات) الرجال، وكذا سياق الآية، ولفظ " قوما "، والضمائر الراجعة إليه قرينة التخصيص بالرجال، وحينئذ يكون استثناء " إلا الذين تابوا " منطقا.
ويجوز أن يكون " قوما كفروا " على عمومه لقسمي الرجال، فيكون الاستثناء متصلا.
و " شهدوا " عطف على ما في " ايمانهم " من معنى الفعل، أي آمنوا وشهدوا، أو حال بإضمار " قد " من فاعل كفروا.
قال البيضاوي: وهو على الوجهين دليل على أن الاقرار باللسان خارج عن حقيقة الايمان (1).
وفيه: أنه يحتمل أن يكون في العطف، أو جعله قيدا، لكونه أهم أجزاء الايمان وأنفع في ترتب الآثار عليه.
والله لا يهدى القوم الظالمين: الذين وضعوا الكفر موضع الايمان بعد إذ جاءهم البينات ووضع المظهر موضع المضمر، للاشعار بالعلية.
وقيل: الذين ظلموا أنفسهم بالاخلال بالنظر، ووضع الكفر موضع الايمان، فكيف من جاءه الحق وعرفه ثم أعرض عنه.
* * *