[ها أنتم هؤلاء حججتم ففيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون (66)] هكذا قاله المفسرون، وفيما قالوه إشكال من وجهين:
الأول: أنه يمكن أن يقال من قبل اليهود والنصارى: إن كون إبراهيم منهم لا يتوقف على نزول التوراة والإنجيل في زمانه، لامكان إيحاء اليهودية أو النصرانية إليه، ثم أنزل التوراة والإنجيل على طبق ما أوحي إليه سابقا.
الثاني: أنه قد تواتر أن إبراهيم (عليه السلام) كان مسلما، وقد دلت عليه الآية وشيعة، مع أن الاسلام والتشيع إنما ثبت بالقرآن الذي بعده، فما هو جوابكم فهو جوابهم.
والأظهر أن مضمون الآية، والله أعلم، أن كلا من اليهود والنصارى يدعي أن إبراهيم كان علي الدين الذي هم عليه الآن من اليهودية التي حدثت بعد التوراة، والنصرانية التي حدثت بعد الإنجيل بالتحريف والتبديل، فقال الله تعالى: " لم تحاجون في إبراهيم " وتدعون أنه كان على ما أنتم عليه الآن، وهو حدث بتحريفكم بعد إنزال التوراة والإنجيل بعد إبراهيم، بمدد متطاولة وما كان أصل من الله حتى يحتمل أن يوحيه إلى إبراهيم ويكون هو عليه قبل إنزال التوراة والإنجيل، " أفلا تعقلون ".
وحينئذ لا يرد عليه شئ من الاشكالين، والله أعلم بحقيقة الحال.
ها أنتم هؤلاء حججتم فيما لكن به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم: " ها " حرف تنبيه، نبهوا بها على حالهم التي غفلوا عنها.
و " أنتم " مبتدأ، و " هؤلاء " خبره، و " حاججتم " جملة أخرى مبينة للأولى، أي أنتم هؤلاء الحمقى، وبيان حماقتكم، إنكم جادلتم فيما لكم به علم مما وجدتموه في التوراة والإنجيل من نعت النبي (صلى الله عليه وآله) عنادا، فلم تجادلون فيما لا علم