يسم البعض!) ولكنه دفعه بقوله:
(إن الذي جرح الإمام بهذا لم يره، ولم ير منه ما يوجب رد حديثه).
قلت: وفيه نظر من وجهين:
الأول: أن عبد الله بن المبارك رآه وروى عنه، ثم ترك حديثه كما سبق عن أبي حاتم، ولولا أنه رأى منه ما يوجب رد حديثه ما ترك الرواية عنه.
الثاني: أن كلامه يشعر - بطريق دلالة المفهوم - أن الجارح لو كان رأى الإمام كان جرحه مقبولا! فلزمه أن يقبل جرح ابن المبارك إياه، لأنه كان قد رآه كما سبق. على أن هذا الشرط مما لا أصل له عند العلماء، بل نحن نعلم أن أئمة الجرح والتعليل جرحوا مئات الرواة الذين لم يروهم، وذلك لما ظهر لهم من عدم ضبطهم لحديثهم بمقابلته بأحاديث الثقات المعروفين عندهم. وهذا شئ معروف لدى المشتغلين بعلم السنة.
على أنني أعتقد أن المتعصبين لا يرضهم بأي وجه نقد إمامهم في رواية الحديث من أئمة الحديث المخلصين الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم، فها أنت ترى دفع الجرح المبين سببه بحجة لم ترد عند العلماء وهي أن الجارح لم ير الإمام، فلو أنه كان رآه أفتظن أنهم كانوا يقبلون جرحه، أم كانوا يقولون:
كلام المتعاصرين في بعضهم لا يقبل؟!
وبعد فإن تضعيف أبي حنيفة رحمه الله في الحديث لا يحط مطلقا من قدره وجلالته في العلم والفقه الذي اشتهر به، ولعل نبوغه فيه، وإقباله عليه هو الذي جعل حفظه يضعف في الحديث، فإنما من المعلوم أن إقبال العالم على علم وتخصصه فيه، مما يضعف ذاكرته غالبا في العلوم الأخرى. والله تعالى أعلم.
551 - (عن جابر مرفوعا: (كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج إلا وراء الإمام) رواه الخلال). ص 120 ضعيف. والصواب فيه موقوف كما سبق بيانه في الذي قبله.