" رواه يونس وعقيل وشعيب وسعيد بن عبد العزيز، عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ".
يشير إلى أن الصحيح فيه مرسل. وهو الذي جزم به الدارقطني كما نقله السبكي، وهو الصواب، لأن هؤلاء الذين أرسلوه أكثر وأوثق من قرة، وهو ابن عبد الرحمن المعافري المصري. بل إن هذا فيه ضعف من قبل حفظه، ولذلك لم يحتج به مسلم، وإنما أخرج له في الشواهد. وقال ابن معين: ضعيف الحديث. وقال أبو زرعة: الأحاديث التي يرويها مناكير. وقال أبو حاتم، والنسائي: ليس بقوي. وقول السبكي فيه: " هو عندي في الزهري ثقة ثبت، فقد قال الأوزاعي: ما أحد أعلم بالزهري منه. وقال يزيد بن السمط: أعلم الناس بالزهري قرة بن عبد الرحمن ". فهو بعيد عن الصواب، لأنه مخالف لأقوال الأئمة المذكورين فيه. واعتماده في ذلك على ما نقله عن الأوزاعي مما لا يجدي، لأن المراد من قول الأوزاعي المذكور أنه أعلم بحال الزهري من غيره، لا فيما برجع إلى ضبط الحديث كما قال الحافظ ابن حجر في " التهذيب ". قال:
" وهذا هو اللائق ".
ومما يدلك على ضعفه - زيادة على ما تقدم - اضطرابه في متن الحديث، فهو تارة يقول: أقطع، وتارة: أبتر، وتارة: أجذم، وتارة يذكر الحمد، وأخرى يقول: " بذكر الله ". ولقد أضاع السبكي جهدا كبيرا في محاولته التوفيق بين هذه الروايات، وإزالة الاضطراب عنها، فإن الرجل ضعيف كما رأيت، فلا يستحق حديثه مثل هذا الجهد! وكذلك لم يحسن صنعا حين ادعى أن الأوزاعي تابعه، وأن الحديث يقوى بذلك، لأن السند إلى الأوزاعي ضعيف جدا كما تقدم بيانه في الحديث الذي قبله، فمثله لا يستشهد به، كما هو مقرر في " مصطلح الحديث ".
وقد رواه أحد الضعفاء الآخرين، عن الزهري بسند آخر، أخرجه الطبراني من طريق عبد الله بن يزيد، حدثنا صدقة بن عبد الله، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه مرفوعا.