عشائه سحوره حرم وقد ظهر وجه الحكم بالحرمة وليس في بعض النسخ لفظ حرم وعليه فهو بيان فرد آخر للوصال كما نقلنا من الروضة درس يفسد الصوم بفعل الثمانية التي جعل الصوم سابقا عبارة عن توطين النفس لله تعالى على تركها عمدا أي متعمدا قاصدا للفعل مختار ذاكر للصوم وقد مر بيان ذلك في كل واحد منها بالتفصيل لا سهوا أي ساهيا ناسيا للصوم قال في المنتهى لا خلاف بين علمائنا في أن الناسي لا يفسد صومه ولا يجب عليه قضاء ولا كفارة بفعل المفطر ونسبه إلى أكثر علماء العامة أيضا ونقل الخلاف عن ومعه ومالك وقال في المعتبر قال مالك يفطر في الفرض لا في النفل وقال عطا والثوري يفطر فيهما وقال أحمد يفطر بالجماع دون غيره ويدل عليه بعد الاجماع ما رواه الجمهور عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أكل أحدكم أو شرب ناسيا فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه وعنه صلى الله عليه وآله من أكل وشرب ناسيا فإنما هو رزق رزقه الله وعنه صلى الله عليه وآله من أفطر في رمضان ناسيا فلا قضاء عليه وعن علي (عليه السلام) قال لا شئ على من أكل ناسيا ومن طريق الأصحاب روايات منها ما رواه الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سأل عن رجل نسي فأكل وشرب ثم ذكر قال لا يفطر إنما هو شئ رزقه الله عز وجل وما رواه محمد بن قيس في الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) قال كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول من صام فنسي وأكل وشرب فلا يفطر من أجل أنه نسي فإنما هو رزق رزقه الله عز وجل فليتم صومه وما رواه سماعة في الموثق قال سألته عن رجل صام في شهر رمضان فأكل وشرب ناسيا قال يتم صومه وليس عليه قضاؤه وما رواه عمار بن موسى الساباطي في الموثق عن الرجل ينسى وهو صائم فجامع أهله قال يغتسل ولا شئ عليه وما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل ينسى فيأكل في شهر رمضان قال يتم صومه فإنما هو شئ أطعمه الله وما رواه أبو بصير قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل صام في رمضان فأكل وشرب ناسيا فقال يتم صومه وليس عليه قضاء وما رواه عبد السلام بن صالح الهروي قال قلت للرضا (عليه السلام) يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله قد روى عن آبائك (عليهم السلام) فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلث كفارات وروى عنهم أيضا كفارة واحدة فبأي الحديثين نأخذ قال بهما جميعا متى جامع الرجل حراما أو أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلث كفارات عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم وإن كان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه كفارة واحدة وإن كان ناسيا فلا شئ عليه وهذا الخبر يرشد إلى الجمع بين الاخبار بنحو ما شاع بين العلماء وهو قوى السند قال العلامة (ره) في المختلف في طريق هذه الرواية عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري ولا يحضر في الان حاله فإن كان ثقة فالرواية صحيحة يتعين العمل بها وحكم في التحرير بصحة الرواية وقال الشهيد الثاني هو شيخ ابن بابويه ومن البعيد أن يروى الصدوق من غير الثقة بلا واسطة أقول وفى هذا البعد تأمل وفي طريقها أيضا على بن محمد بن قتيبة ولا تصريح في كتب الرجال بتوثيقه بل ذكر أنه فاضل عليه اعتمد أبو عمر والكشي في كتاب الرجال ودلالة ذلك على التوثيق غير ظاهرة وفي مذهب عبد السلام أيضا كلام واستدل في المنتهى ببعض الوجوه الضعيفة أيضا مثل أن التكليف بالامساك يستدعى الشعور وهو مفقود عن الناسي فكان غير مكلف به وإلا لزم تكليف ما لا يطاق وهذا لا يدل إلا على سقوط الاسم وسقوط الكفارة لو كانت للتكفير لا الجبر ما قد فات وأما صحة الفعل وسقوط القضاء فلا يمكن أن يستدل عليها بهذا الدليل واحتج مالك على رأيه بأن الاكل ضد الصوم لأنه كف فلا يجامعه ككلام الناسي في الصلاة وبناء هذا الكلام منه على أن الصوم عبادة عن ترك الأشياء المخصوصة مطلقا في النهار وذلك أول النزاع فأنا نقول الصوم عبادة عن ترك تعمد الاتيان بها فالضد هو الاكل عمدا لا نسيانا وفساد قياسه واضح لمنع المقيس عليه فضلا عن المقيس ثم الظاهر أن النائم لو فعل شيئا من ذلك لم يفسد صومه لأنه أعذر من الناسي لرفع القصد إلى الفعل والعلم بالصوم كليهما عنه بخلاف الناسي فإنه قاصد للفعل وإطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضى عدم الفرق في الصوم بين الواجب والندب والمعين وغيره وقال الصدوق في الفقيه بعد نقل صحيحة الحلبي وموثقة عمار بن موسى الساباطي قال مصنف هذا الكتاب وذلك في شهر رمضان وغيره ولا يجب فيه القضاء هكذا روى عن الأئمة (عليهم السلام) وقال العلامة في المنتهى لو أكل أو شرب ناسيا في قضاء رمضان فالوجه أنه يتم على صومه واستدل عليه بصحيحتي الحلبي ومحمد بن قيس ورواية أبي بصير في النافلة وما ذكره موافق لما ذكره الشيخ في التهذيب والنهاية ثم قال في المنتهى وللشيخ قول آخر هذا أجود وأشار المصنف (ره) إلى التعميم بقوله وإن كان في النفل للرواية أعني رواية أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) رجل صام يوما نافلة فأكل وشرب ناسيا قال يتم يومه ذلك وليس عليه شئ ويحتمل أن يراد بالرواية ضمن الرواية ويكون التعليل لقول لا سهوا علما بالمسألة وتحريم فعله في الصوم وجهلا بها وهذا تعميم لا فساد فعل العمل أما العامد العالم بالمسألة فلا خلاف فيه وأما الجاهل بها فذهب الأكثر إلى فساد صومه وخالف ابن إدريس فقال في السرائر وجميع ما قدمناه في ذلك الباب متى فعله الانسان ناسيا أو ساهيا أو جاهلا غير عالم بالحكم لم يكن عليه شئ ومتى فعله متعمدا وجب عليه ما قدمناه ويظهر ذلك من كلام
(٣٩٦)