أقول لفظ ثم خرج يأبى عن هذا الحمل كل الاباء ويفطر المسافر للنزهة لإباحة سفره بحكم الأصل فيجب عليه الافطار والقضاء كما مر خلافا للحسن حيث أوجب عليه الصوم والقضاء وكذا على من خرج في شئ من أبواب المعاصي ونحوه قال ابن الجنيد أما وجوب الصوم على العاصي بسفره فظاهر وأما وجوبه على المسافر للنزهة فلان السفر مناف للصوم فلا يجوز له فعل كالافطار خرج عنه ما ورد فيه الرخصة وبقى الباقي ولما رواه أبو بصير قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الخروج إذا دخل رمضان فقال لا إلا فيما أخبرك به خروج إلى مكة أو غزو في سبيل الله أو ما تخاف هلاكه أو أخ تريد وداعه وقال أنه ليس أخا من الأب والام ولما ورد بمضمونه كما سيأتي ذكره وأما وجوب القضاء عليهما فلان صوم الانسان في السفر ليس بصوم وإنما أمر بالامساك عن الافطار لئلا يكون مفطرا في شهر رمضان في غير الوجه الذي أباح الله عز وجل له الافطار فيه كما إن المفطر في يوم من شهر رمضان عامدا قد أفسد صومه وعليه أن يتم صومه ذلك إلى الليل ولعموم قوله تعالى ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر والجواب أما عن دليل وجوب الصوم على المسافر للنزهة فهو إن السفر مسقط للصوم ولا نسلم عدم جواز فعل المنافي إذا كان مسقطا وهذا بخلاف الافطار لأنه مفسد غير مسقط وضعفه سند الرواية بمنع عن الاحتجاج بها مع معارضتها للأصل وعموم الاخبار كما سبق ذكر بعضها وسيأتي البعض وأيضا لا تدل بظاهرها إلا على عدم جواز الخروج إلى السفر بعد دخول الشهر إلا فيما استثناه مع أن ظاهر كلام الحسن أعم من ذلك لشموله لمن دخل عليه الشهر في السفر والحكم بمجرد ذلك أيضا على وجوب الصوم على من خرج كذلك لا يخلو عن إشكال إذ لا يبعد أن يكون الحكم بوجوب الصوم في السفر الحرام مخصوصا بما إذا كانت الحرمة في غير جهة منافاة السفر للصوم وكذا الكلام في ظاهر قوله (عليه السلام) في صحيحة عمار بن مروان المتقدمة أو في معصية الله عز وجل والأولى حمل النهي عن الخروج الوارد في تلك الرواية على الكراهة كما يستفاد من حسنة الحلبي بن إبراهيم بن هاشم في الكافي وصحيحته في الفقيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن الرجل يدخل شهر رمضان وهو مقيم لا يريد براحا ثم يبدو له بعد ما يدخل شهر رمضان أن يسافر فسكت فسئلته غير مرة فقال يقيم أفضل إلا أن يكون حاجة لا بد من الخرج فيها أو يتخوف على ماله وأما عن دليل وجوب القضاء على من خرج في شئ من أبو المعاصي فبأنا لا نسلم أن السفر مطلقا مناف للصوم بل السفر الذي يجب فيه التقصير ينافي باعتبار إسقاطه له والسفر الذي لا يوجب القصر حيث لا يسقطه فلا دليل على منافاته له والمسافر بهذا السفر لكونه مأمورا بالصوم إذا امتثل فالظاهر أنه يخرج عن العهدة ولا يمكن الحكم عليه بوجوب القضاء لأنه بأمر جديد وفساده صوم المفطر عامدا في يوم شهر رمضان واضح جدا فيجب عليه القضاء وأما الآية الكريمة فلا تدل على مطلوبه إذا الظاهر منها أنه تعالى أمر الشاهد بالصوم والمريض والمسافر بالافطار وصيام العدة وحيث لا يسوغ لهذا المسافر الافطار كما ظهر من السنة فلا يشمله حكم وجوب صيام العدة أيضا كما لا يخفى ولا يحرم السفر على من شهد الشهر حاضر أي ولا يحرم السفر على من أدرك هلال الشهر حال كونه حضرا غير مسافر للأصل والآية إذا الظاهر والله تعالى يعلم إن المعنى أن من حضر منكم ولم يكن مسافرا في الشهر كله أو بعضه مع القدرة على الصوم فيجب عليه صيام ما حضر فيه ومن كان فيه مريضا غير قادر أو على سفر فلا يصوم ويجب عليه صوم عدة أيام المرض أو السفر من أيام أخر فنصب الشهر على الظرف وحذف الجار وإفادتها لجواز السفر فيه غاية الظهور حيث جعل سبحانه المريض والمسافر فيه مطلقا مقابلا للمقيم القادر وبين ما اشتركا فيه من الحكم ومن عليهما بتخفيف حكم وجوب الصوم من غير نكير وأكد رأفته بإظهار إرادة التيسير ولقوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر لان المنع من السفر يتضمن الحرج والضرر وينافي إرادة اليسر وعدم إرادة العسر ولما استفدته من الاخبار السالفة ولصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان وهو مقيم وقد مضى منه أيام فقال لا بأس به بأن يسافر ويفطر ولا يصوم قال محمد بن بابويه بعد ذكر هذه الرواية في الفقيه وقد روي ذلك أبان بن عثمان عن الصادق (عليه السلام) ولصحيحة حماد بن عثمان قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) رجل من أصحابي قد جائني خبره من الاعراض وذلك في شهر رمضان أتلقاه وأفطر قال نعم قلت أتلقاه وأفطر أو أقيم وأصوم قال تلقه وأفطر والاعراض بالمهملتين والضاد المعجمة قربى بين الحجاز واليمن قاله الجواهري وفي بعض النسخ أعوص بالعين والصاد المهملتين وهو قرية قرب المدينة وواد بديار بأهله قاله في القاموس ولصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) في الرجل يشيع أخاه مسيرة يوم أو يومين أو ثلاثة قال إن كان في شهر رمضان فليفطر قيل أيهما أفضل يصوم أو يشيعه قال يشيعه إن الله عز وجل قد وضعه عنه وقد روى هذا الخبر بأدنى تغيير في الفقيه مرسلا عن الصادق (عليه السلام) ورواه في المختلف عن أبان بن عثمان عن الصادق (عليه السلام) وكأنه نشاء عن سقوط بعض الكلمات عن نسخة الفقيه التي كانت عنده (ره) والعبارة في النسخ الصحيحة بعد ذكر خبر محمد بن مسلم هكذا وقد روى ذلك أبان بن عثمان عن الصادق (عليه السلام) وسئل الصادق (عليه السلام) عن الرجل يشيع إلى وروى في الكافي أيضا بأدنى تغيير عن أبان بن عثمان عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) ولما رواه سعيد بن يسار قال سئلت أبا عبد الله عن الرجل يشيع أخاه في شهر رمضان فيبلغ مسيرة يوم أو مع رجل من إخوانه أيفطر أو يصوم قال يفطر وكأنه أراد بقوله أو مع رجل من إخوانه يسافر بقصد رفاقة رجل من إخوانه خلافا للحلبي
(٣٧٧)