وقوع صوم آخر في رمضان وهذا بخلاف من بلغ في أثناء النهار كما مر من ظاهر كلامه حسب ما شرحناه فإنه باعتبار عدم تكليف في أول النهار يمكنه إيقاع الصوم المندوب فيه ويحتمل أن يكون استثناء المصنف (ره) من خصوص عدم التناول ويكون المعنى وإن تناول أمسك تأديبا وكأنه أوفق باصطلاحهم في التأديب فيكون حكم الدخول بعد الزوال مسكوتا عنه ها هنا لما سيأتي بعد حيث يقول ويستحب الامساك للمسافر والمريض بزوال عذرهما وقد تناولا أو كان بعد الزوال و قال الشيخ في النهاية والمسافر إذا قدم أهله وكان قد أفطر فعليه أن يمسك بقية النهار تأديبا وكان عليه القضاء وإن لم يكن قد فعل شيئا ينقص الصوم وجب عليه الامساك ولم يكن عليه القضاء وظاهره وجوب الصوم مع عدم تحقق الافطار في الخارج وإن كان القدوم بعد الزوال وجزى على هذا الاطلاق في تتمة كلامه ويشكل ذلك بفوات وقت النية وبما يستفاد من الاخبار من اعتبار الزوال وفي رواية سماعة وقد ذكرنا صدرها سابقا وإن قدم بعد زوال الشمس أفطر ولا يأكل ظاهر أو الأولى اعتبار القيد في كلامه ليوافق فتواه في المبسوط والتهذيب والاحتياط في الامساك والقضاء ولو علم القدوم قبل الزوال تخير في الافطار والامساك للأصل ولصحيحة محمد بن مسلم قال سئلت أبا جعفر (عليه السلام) عن الرجل يقدم من سفر قي شهر رمضان فيدخل أهله حين يصبح أو ارتفاع النهار قال إذا طلع الفجر وهو خارج لم يدخل أهله فهو بالخيار إنشاء صام وإنشاء أفطر ولحسنة رفاعة بن موسى بن إبراهيم قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يقبل في شهر رمضان من سفر حتى يرى أنه سيدخل أهله ضحوة أو ارتفاع النهار قال إذا طلع الفجر وهو خارج لم يدخل فهو بالخيار إنشاء صام وإنشاء أفطر وللصحيحة السابقة عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا سافر الرجل إلى آخر الخبر ولما ورد في تتمة رواية سماعة المتقدمة وإن قدمن سفره قبل زوال الشمس فعليه صيام ذلك اليوم إنشاء وهو أي الامساك أفضل لما فيه من المسارعة إلى الخير وعدم تضييع صوم يوم من شهر رمضان مع ما فيه من مزيد الأجر والثواب لرواية رفاعة تعليل لقوله تخير في الافطار والامساك وقد مر ذكر الرواية (وهو تخيير في صوم رمضان تابع لسببه) من الافطار المجوز في حال السفر فيفوت الصوم والامساك المجوز حتى يدخل قبل الزوال وقبل فوات وقت النية فيتعين عليه الصيام (كما يتخير المسافر بين نية المقام وعدمه فيتبعه الصوم) ذكر نظيرا واضحا له ليزيل عن الوهم بعده (والقدوم يحصل برؤية الجدران أو سماع) الاذان رأى المصنف (ره) في هذا الكتاب كما مر منه في الصلاة وفي ساير كتبه إلا اللمعة إن القصر إنما يكون ذهابا وعودا عند خفاء الامارتين فالقدوم وزوال الترخص في العود إنما يحصل بإدراك أحدهما والمدارك لأحدهما بحكم المقيم سواء كان خارجا إلى السفر أو راجع منه وإليه ذهب العلامة والشهيد الثاني وأكثر المتأخرين وقال الشيخ علي بن بابويه إذا خرجت من منزلك فقصر إلى أن تعود إليه وبه رواية مرسلة عن الصادق (عليه السلام) أنه قال إذا خرجت من منزلك فقصر إلى أن تعود إليه أولا حجة في المرسلة ويمكن حملها على الخروج والعود المعهودين من الشرع واعتبر أكثر المتقدمين في الترخص على ما قاله الشهيد أن أحد الامر من خفاء الجدران وعدم سماع الاذان والظاهر أنهم يعتبرون في القدوم إدراكهما معا وجعل جماعة منهم المرتضى (ره) نهاية القصر دخول المنزل ولكن السيد يعتبر في الذهاب خفاء الامارتين معا وظاهر كلام الحسن والمفيد وسلار وأبي الصلاح وصريح ابن إدريس اعتبار الاذان خاصة وظاهر الصدوق في المقنع اعتبار الحيطان ويظهر من كلام الشيخ أولا في المبسوط وإن المعتبر الحيطان قال حصل حايل فالاذان ولكن صرح بعد ذلك في موضعين باعتبار أحدهما كما قاله في النهاية والخلاف واحتج في المختلف على اعتبار الامرين معا في الذهاب بقوله تعالى إذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم فعلق نفي البأس بالضرب في الأرض ولا يتحقق في المنازل فلا بد من اعتبار الخروج عن البلد وإنما يتحقق ذلك بغيبوبة الاذان والجدران واحتج أيضا بما رواه محمد بن مسلم في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) الرجل يريد السفر متى يقصر قال إذا توارى من البيوت وما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عنه (عليه السلام) قال سئلت عن التقصير قال إذا كنت في الموضع الذي تسمع فيه الاذان فأتم وإذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الاذان فقصر وإذا قدمت من سفر فمثل ذلك أقول ضعف احتجاجه بالآية الشريفة واضح لان مراده بالمنازل إن كان دور البلد فعدم تحقق الضرب ما دام المسافر فيما بينهما في محل المنع لان الضرب في اللغة السير قال الجوهري ضرب في الأرض ضربا ومضربا بالفتح أي سار في ابتغاء الرزق وفسر البيضاوي ضربتم بسافرتم والظاهر صدق اسم الساير والمسافر لغة على من خرج من منزله بقصد السفر وإن كان بين جدران البلد وعمارتها وعدم صدق الاسم شرعا أول البحث وإن كان منازل المسافرين فلا يتفرع عليه قوله فلا بد من اعتبار الخروج عن البلد ولا يمكنه التشتت بالوفاق مع ما عرفت من ذهاب علي بن بابويه إلى أن المناط الخروج عن المنزل ثم ادعاء أن الخروج عن البلد لا يتحقق إلا بغيبوبتهما معا ففي مرتبة أصل الدعوى لان أكثر المتقدمين كما عرفت على تحققه بغيبوبته أحدهما نعم يمكن أن يقال إن اشتراط الخوف في الآية يشعر بأن القصر إنما يكون في موضع تحقق الخوف في الأغلب فلا بد من اعتبار الخروج عن البلد ولا يقول أحد بأن المناط مجرد الخروج عن البلد فلا بد من اعتبار الغيبوبة وأما اعتبار غيبوبتهما معا فلا دلالة في الآية الكريمة
(٣٧٩)