يفطر وإن خرج قبل مغيب الشمس بقليل والجواب أما عن الأولى فبان الحكم في الآية الشريفة على سبيل الاجمال والنصوص الصحيحة تفيد التفصيل كما عرفت وذكر البيضاوي في تفسير قوله تعالى أو على سفر أو راكب سفر وفيه إيماء بأن من سافر أثناء اليوم لم يفطر وضعفه ظاهر إذا يحتمل أن كون وجه العدول منقوله مسافرين إلى قوله على سفر إفادة أصل تشبيه السفر بالمركوب من دون إيماء إلى حكم أو الاشعار بأن مطلق الشروع في الحركة لا يوجب الافطار بل لا بد من استيلاء على السفر بقطع قدر خاص و وصول حد مخصوص أو إفادة أن المسافر إذا عزم على الإقامة في أثناء السفر وضعف استيلاؤه على السفر وركوبه عليه الرخصة له في الافطار ومع وجود هذه الاحتمالات لا يمكن القدح في كون ظاهر الآية الاطلاق بمجرد ادعاء هذا الايماء وقد تشبث بذلك صاحب المدارك في ذيل جواب الاستدلال بعموم الآية مع أنه ينافي مذهبه أيضا وحمله على الايماء على اعتبار السفر في أكثر اليوم ضعف في ضعف وأما عن الثانية فبأن منافاة السفر للصوم مطلقا إنما يعلم من عموم الآية الشريفة والأخبار الواردة في هذا الباب وقد سبق ذكرها وهذا العموم لا يعارض الأخبار الصحيحة الدالة على التفضيل ولا يوجب طرحها وأما عن الثالثة فبأن الرواية في غاية الضعف ولا تصلح لمعارضة غيرها من الاخبار والشيخ حملها في التهذيب بعدم تسليم السند على من بيت نية السفر وحمل قوله يفطر على جواز الافطار وإن كان الامساك أولى له كما هو رأيه وأما حجة القول الثالث فقال المحقق في المعتبر لنا قوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل وهو على إطلاقه ولا يلزم ذلك علينا لان مع نيته من الليل يكون صوما مشروطا في نيته ولأنه إذا عزم من الليل لم ينو الصوم فلا يكون صوما تاما ولو قيل يلزم على ذلك لو لم يخرج أن يقضيه التزمنا ذلك فإنه صام من غير نية إلا أن يكون جدد نيته قبل الزوال ويؤيد ذلك من أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) روايات منها رواية رفاعة بن موسى عن أبي عبد الله في الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان حين يصبح قال يتم صوم يومه ذلك ورواية علي بن يقطين عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) في الرجل يسافر في شهر رمضان أيفطر في منزله قال إذا حدث نفسه في الليل بالسفر أفطر إذا خرج من منزله وإن لم يحدث نفسه من الليلة ثم بدأ له في السفر من يومه أتم صومه وعن أبي بصير قال إذا خرجت بعد طلوع الفجر ولم تنو السفر من الليل فأتم الصوم واعتد به من شهر رمضان وأقول إطلاق الآية الشريفة لا تقاوم ظاهر الآية والنصوص الدالة على خلافه كما عرفت وما ذكره من أنه إذا عزم من الليل لم ينو الصوم فغير صحيح إذ لا ريب في وجوب الصوم عليه شرعا وعدم جواز الافطار له ما لم يتحقق السفر فلا بد له من نية شرعية وتلك النية ليست إلا العزم على الامساك حتى يتحقق المجوز للافطار شرعا ومثل هذا الشرط لا يضر بالنية ولا العبادة بل لا يخلو نية عن هذا الاشتراط حقيقة وإن لم يخطر بالبال تفضيلا ليس كل صايم يصوم بشرط أن لا يعرض له مرض ينافي الصوم ويوجب الافطار ولا يتفاوت الحال بطن الحدوث وعدمه والاخبار التي ذكرها لعدم صحة سندها لا تعارض الصحية أما خبر رفاعة بن موسى فمن الموثق ويحتمل أن يكون المراد بإتمام الصوم عدم الخروج إلى السفر في أثناء اليوم استحبابا أو يكون المراد التشبيه بالصائمين ندبا لانعقاد صومه في بلده في أول اليوم شرعا وخبر علي بن يقطين أيضا من الموثق ويحتمل ما ذكرناه في الخبر السابق مع زيادة هي أن الغالب إن الخارج قبل الزال يحدث نفسه في الليل بالسفر فكأنه (عليه السلام) عبر عن الخارج قبل الزوال أو بعده بما عبر بناء على الغالب والخبر الثالث مع إرساله موقوف على أبي بصير غير مسند إلى أحد من الأئمة (عليهم السلام) ويحتمل التأويل على نحو ما ذكرناه في الخبرين السابقين ثم إن مذهب الشيخ (ره) قريب من مذهب المحقق واستدل عليه بالاخبار المنقولة في المعتبر وبخبر أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول إذا أردت السفر في شهر رمضان فنويت الخروج من الليل فإن خرجت قبل الفجر أو بعده فأنت مفطر وعليك قضاء ذلك اليوم وهذا الخبر ضعيف السند والدلالة أيضا لان التقييد بقوله فنويت الخروج من الليل لا يدل على اشتراط نية الخروج من الليل وبخبر سليمان بن جعفر الجعفري قال سئلت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الرجل ينوي السفر في شهر رمضان فيخرج من أهله بعد ما يصبح قال إذا أصبح في أهله فقد وجب عليه صيام ذلك اليوم إلا أن يدلج دلجة وهذا الخبر مع ضعف سنده لا دلالة له على مذهب الشيخ وإنما يدل على اعتبار الخروج قبل الفجر في جواز الافطار وهو غير المذهب ويدل عليه أيضا بعض أخبار أخر ولكنها ضعيفة الاسناد كخبر سماعة قال سئلته عن الرجل كيف يصنع إذا أراد السفر قال إذا أطلع الفجر ولم يشخص فعليه صيام ذلك اليوم وإن خرج من أهله قبل طلوع الفجر فليفطر ولا صيام عليه الحديث وأيضا خبر سماعة قال فقال أبو عبد الله (عليه السلام) من أراد السفر في رمضان فطلع الفجر وهو في أهله فعليه صيام ذلك اليوم وإذا سافر لا ينبغي أن يفطر ذلك اليوم وحده وليس تفريق التقصير والافطار فمن قصر فليفطر وصحية رفاعة بن موسى تدل على تخيير من أصبح في بلده بين الصوم والافطار حيث قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يريد السفر في رمضان قال إذا أصبح في بلده ثم خرج فإنشاء صام وإنشاء أفطر وقال العلامة في آخر كلامه في المختلف واعلم أنه ليس بعيدا من الصواب يخير المسافر بين الفطر والاتمام إذا خرج بعد الزوال الرواية رفاعة وإنما قيدنا ذلك بالخروج بعد الزوال جميعا بين الاخبار وأنت خبير بعد حمل هذا الخبر على ما بعد الزوال ولكنه خبر واحد صحيح السند غير مشهور القايل يعارض ظاهره لظاهر الأخبار الصحيحة المعمولة فلا بد من تأويله وقال بعض المحققين طاب ثراه في تأويله إن المراد بإنشاء صام أنه إنشاء أبطل السفر ورجع عن نيته وصام وإنشاء التزم وأفطر
(٣٧٦)