لو عقد الصوم مسلما ثم ارتد ثم عاد لم يفسد صومه وقد مر البحث عن تلك المسألة سابقا والمصنف (ره) نسب القول بالاجزاء في السابق إلى الشهرة وجعل الوجه الفساد كما حكم هنا ولا وجه لإعادته (ولا يجب) الصوم إلا ما يستثني (على المسافر حيث يجب عليه القصر) أما لو تخير في القصر ففي الأماكن الأربعة لا يجوز له الصوم لاختصاص الاخبار بجواز اتمام الصلاة فيها للمسافر فالأدلة المتضمنة لوجوب الافطار عليه سالمة عن المعارض وفي قاصد أربعة فراسخ ولم يرد الرجوع ليومه فبين القائلين بتخييره في قصر الصلاة في صومه خلاف قال الشيخ في النهاية والمبسوط لم يجز له الافطار وهو مخير في التقصير في الصلاة وكان نظره إلى اختصاص الاخبار بقصر الصلاة وقال المفيد يتخير فيهما ويحتمل أن يكون مستنده الأخبار الواردة في قصر الصلاة مع الأخبار الدالة على التلازم بين القصر والافطار كقوله الصادق (عليه السلام) في صحيحة معاوية بن وهب هما واحد إذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت ولو أراد الرجوع من يومه فقال في المختلف قصر في الصلاة والصوم إجماعا ونقل في المنتهى عن الشيخ قولا بالتخيير (ولا يصح منه صوم رمضان) للآية والاخبار والاجماع منا وأكثر العامة على الصحة واختلفوا في الأفضلية ومستندهم رواية عايشة إن النبي صلى الله عليه وآله قال لحمزة الأسلمي وقد سئله عن الصوم في السفر إن شئت صم وإن شئت فأفطر ورواية أنس قال سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فصام بعضنا وأفطر بعضنا فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصايم وتحملا على صوم الندب على تقدير صحتهما (وإن نذره) لفساد النذر بفساد متعلقه (ولو صام رمضان ندبا أو كان عليه صوم شهر مقيد بالسفر فصامه عنه فظاهر الشيخ الجواز ومنعه الفاضلان) قال في المبسوط إذا كان مسافرا سفر يوجب التقصير فإن صام بنية رمضان لم يجزه وإن صام بنيته التطوع كان جايزا وإن كان عليه صوم نذر معين ووافق ذلك شهر رمضان فصام عن النذر وهو حاضر وقع عن رمضان ولا يلزمه القضاء لمكان النذر وإن كان مسافرا وقع عن النذر وكان عليه القضاء لرمضان ثم حكم بمثل ذلك على من أوقع صوم واجب آخر كان عليه غير النذر في رمضان ثم قال وعلى الرواية التي رويت أنه لا يصام في السفر واجب لا يصح هذا الصوم بحال أقول بناء ما ذكره من أنه إذا صام عن النذر وهو حاضر وقع عن رمضان على ما مر من تأدى رمضان بنيه غير فرضا أو نقلا وقال العلامة في المختلف بعد نقل كلام الشيخ والأقرب إن صومه نقلا أو عن نذر مقيد بالسفر باطل لنا قوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وإيجاب العدة يستلزم إيجاب الافطار وقوله (عليه السلام) ليس من البر الصيام في السفر أقول فرض النذر مقيدا بالسفر لاعتقاده أنه لو لم يقيد يختص بالحضر لا يقال يتوجه على احتجاجه بالآية إن إيجاب العدة يستلزم عدم صحته صوم رمضان في السفر لا إيجاب الافطار وعلى احتجاجه بالرواية وقد احتج بها المحقق (ره) أيضا في المعتبر إن بناء كلام الشيخ على جواز التعبد بالصوم الواجب لا بالأصالة والصوم المندوب في حال السفر وعلى هذا فيختص الرواية بصوم رمضان فلا تدل على خلاف مطلوب الشيخ لأنا نجيب عن الأول بأن الله تعالى أمر من شهد الشهر من المكلفين بصومه من غير اعتبار قيد أو خصوصية في هذا الصوم ثم أوجب العدة على المعذور بالمرض أو السفر فعلم منه ظاهرا أنه لا يجوز للمريض و المسافر الصوم مطلقا في هذا الشهر خصوصا بقرينة ملاحظة حال المريض وحكمه وقد اعترف الشيخ (ره) أيضا بذلك في التهذيب حيث قال ومتى خرج على ما ذكرناه من وجوه السفر وجب عليه الافطار يدل على ذلك قوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر فالواجب يظاهر اللفظ الصيام لمن شهد وفرض بصريحه القضاء على من يكون مريضا أو مسافرا فلو لا إن الافطار واجب لما وجب عليه عدة من أيام أخر ثم استدل بأخبار تدل على ذلك كرواية عبيد بن زرارة قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز وجل فمن شهد منكم الشهر فليصمه قال ما أبينها من شهد فليصمه ومن سافر فلا يصمه ورواية ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن الله تصدق على مرضى أمتي ومسافريها بالتقصير والافطار أيسر أحدكم إذا تصدق بصدقة أن ترد عليه ورواية يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال الصايم في شهر رمضان في السفر كالمفطر فيه في الحضر ثم قال إن رجلا اتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله أصوم شهر رمضان في السفر فقال لا فقال يا رسول الله أنه علي يسير فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إن الله تصدق على مرضى أمتي ومسافريها بالافطار في شهر رمضان أتعجب أحدكم أن لو تصدق بصدقة أن ترد عليه ونجيب عن الثاني بأن المفروض أصل جواز التعبد بالصوم الغير الواجب بالأصالة مجملا في حال السفر لا إيقاعه في خصوص شهر رمضان فيبقى تحت عموم المنع المستفاد من هذا الخبر حتى يظهر خلافه ولا يلزم من مجرد تطرق التخصيص إلى الخبر تخصيصه بمحض صوم رمضان والحاصل إن العبادة وظيفة متلقاة من الشارع فيتوقف على النقل وقد ورد هذا المنع المستفيض الذي يخصص العمومات الواردة في التعبد بالصيام بغير حال السفر وليس بعد ذلك في الآثار ما يدل على جواز التعبد بالصوم الغير الواجب بالأصالة مطلقا في السفر حتى في شهر رمضان بل الظاهر من اتفاقهم على عدم وقوع صوم آخر مطلقا في هذه الشهر في الحضر كما مر سابقا ومن الروايتين الواردتين في جواز الصوم المندوب
(٣٦٨)