وإن كان اليوم كما ظهر من شهر رمضان وكان يوم صوم كما فعله أو كان احتمل وحيث يشك فيه كونه من رمضان لأنه لما لم يكن عالما بذلك أولا لا يحتسب له ذلك وبالجملة لا فرق بين المعين يعتد به حتى يمكن أن يستدل بهذا القول على أحد الحملين وقد ظهر بما ذكرنا حال قول الراوي فيكون كك في حسنة معاوية بن وهب السابقة وما أفاده الفاضل المحقق الأردبيلي من أن التشبيه إنما هو للنية فلا بد من أن يكون قوله من شهر رمضان صله ليصوم ويدل حينئذ على إجزاء صوم يوم الشك إذا كان بنية رمضان لا يخلو من ضعف ثم اعلم إن الظاهر أنهم لا يفرقون بين يوم الشك وغيره من الأيام لو صام فيه بنية النفل من الجهل فإذا ثبت فيه الحكم بما ذكرناه ثبت المطلق كما ذكره المصنف (ره) ويدل عليه قوله (عليه السلام) في رواية الزهري لو إن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا اه والأقرب سريانه في غيره من الواجبات المعنية أي الأقرب سريان الحكم بالتأدي لو فعل ندبا مع عدم العلم في غير صوم شهر رمضان من الواجبات المعنية من الصيام أو مطلقا كما لو نذر الصدقة بدرهم مخصوص وتصدق به ندبا بغير علم ثم انكشف له أنه الدرهم المنذور بالصدقة ووجه الأقرب ظهور اشتراك علة الحكم ولقوله (عليه السلام) في خبر الزهري لان الفرض إنما وقع على اليوم بعينه مزيد دلالة على ذلك وترجيح المصنف في هذه المسألة للقول بسريان الحكم في غيره من الواجبات المعينة وفي مسألة اشتراط تعيين سبب الصوم للقول بالفرق لا يخلو عن شئ كما لا يخفي (ويتأدى رمضان وكل معين بنيه الفرض غيره بطريق الأولى) لأنه أقرب إلى صوم رمضان من النقل لمشاركته له في الوجوب بخلاف النفل وإنما يخالفه في السبب خاصة ويعذر للجهل كما يعذر في التخالف بالوجه له وأنت خبير بان دعوى الأقربية لا يخلو عن إشكال بل يمكن دعوى الأبعدية لان نية الندب ليست إلا قصد الاتيان بالفعل لطلب يجوز معه الترك قربة إلى الله تعالى ومن المعلوم إن جواز الترك لا مدخل له في الاتيان بالفعل فلا يرجع إلا إلى قصد الاتيان بالفعل للطلب مع خطور تجويز الترك بالبال ونية صوم رمضان حيث لا تفتقر إلى تعيين السبب كما عرفت ليست إلا ما ذكر مع إخطار تأكد للطلب بالبال فبينهما كمال القرب ويؤيد ما ذكرناه ما أفاده العلامة (ره) في النهاية في بيان احتمال صحة وضوء من نوى الوجوب قبل دخول الوقت بقوله ولأنه آكد فيدخل تحته حكما إن المميز جواز الترك وهو غير مراد انتهى ويجري ما ذكره (ره) في صحة كل ندب فعل بنية الوجوب كما قاله بعضهم وهذا بخلاف ما لو نوى القضاء أو النذر بصوم يوم الشك فإنها يخالف نية رمضان غاية الاختلاف كما ترى وهذا ما وعدناك مخبئة في بحث العدول من الفرض إلى النفل فتذكر وبالجملة جعل هذا النكات العقلية مناط للحكم الشرعي في غاية الاشكال ويمكن أن يقال إن الحكم بفساد هذه العبادة التي أمرنا الشارع بها وأتينا بها على النهج الصحيح الشرعي مستبعد جدا وحيث لا يقع في رمضان غيره للوفاق الذي يظهر من كلامهم على ذلك فلا بد من أن يحتسب من رمضان ويؤيده ما ورد في الاخبار من احتساب النفل منه وكذا قوله (عليه السلام) في خبر الزهري لان الفرض إنما وقع على اليوم بعينه وقد ظهر من هذا أن بناء الوجه الذي أفاده العلامة (ره) في المنتهى ونقلناه في المسألة السابقة ليس على القياس بل حاصله ما قلناه وقال صاحب المدارك يحتلم إجزاؤه عما نواه لأنه كان مأمورا بإيقاعه على ذلك الوجه والامتثال يقتضي الاجزاء وأفاد خالي طاب ثراه أن ذلك الاحتمال غير بعيد أقول وقد ظهر منفعه مما ذكرنا من أنه يظهر من كلامهم الوفاق على عدم وقوع غير رمضان فيه من دون تخصيصه بصورة العلم كما تعرفه من تتبع كلماتهم وحيث عد صاحب المدارك هذا احتمالا فالأولى لمن صام يوم الشك عن واجب كان عليه ثم انكشف أنه من رمضان أن ينوي ما يصومه بعد مضى الشهر عما في ذمته من الواجب الذي كان عليه أو قضاء يوم من الشهر أن اكتفى بصوم يوم واحد والأحوط له أن يصوم يومين أحدهما للواجب الذي كان عليه والاخر لقضاء رمضان حتى تحصل له البراءة اليقينية ولا يضره زيادة الصوم إنشاء الله (وفي تأدي رمضان بينة غيره فرضا أو نقلا مع علمه قولان أقربهما المنع) وبطلان الصوم فلا يقع عن رمضان ولا عن غيره وهذا قول ابن إدريس وظاهر كلام ابن بابويه واستجوده العلامة في المختلف أولا وحكم أخيرا بعدم خلو القول الاخر عن قوة والقول بعدم المنع للمرتضى على ما نقل عنه وظاهر كلام الشيخ في المبسوط والخلاف وحكم المحقق في المعتبر بأولويته حجة ما استقر به المصنف إن الافعال تقع على الوجه المنوي دون غيره فلا يقع رمضان لأنه غير منوي ولا عن غيره لعدم صلاحيته الزمان له كما عرفت وعذر الجاهل بالشهر والناسي واضح باعتبار ارتفاع حكم الخطاب عنهما للجهل والنسيان بخلاف العامد فلهذا يحكم فيهما بإلغاء الزيادة من تعيين السبب والوجه الغير المطابقين للواقع دون العامد ويؤيده أيضا مفهوم قوله (عليه السلام) في رواية الزهري المتقدمة لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا وهو لا يعلم أنه من شهر رمضان ثم علم بعد ذلك لأجزء عنه واحتج المحقق (ره) على ما اختاره في المعتبر وقبله الشيخ بأن النية المشروطة خالصة وهي نية القربة وما زاد لغو لا عبرة به فكان الصوم حاصلا بشرطه فيجزي عنه والجواب كما ذكره العلامة في المختلف عدم تسليم إلغاء الزيادة فإن جزئيات الكلي متضادة وإرادة أحد الضدين تنافي إرادة الضد الاخر أقول وهذا بخلاف ما لو لم ينو السبب
(٣٦٠)