لا مما يحتمله العقل والمكلف به المعلوم فيما نحن فيه ليس أزيد من الامساك المخصوص فليس عليه إثبات عدم شئ آخر بل على مدعى الزيادة الاثبات وأما ثانيا فلعدم فائدة هذا التحقيق فيما نحن فيه إذ لا كلام في اعتبار النية في الصوم المكلف به سواء كانت بعنوان الجزئية أو الشرطية إنما الكلام في أن صوم الشهر هل هو عبارة واحدة بتكليف واحد فيعتبر فيه نية واحدة أو عبادات متعددة وتعلق بكل يوم تكليف مستقل فيفتقر إلى نيات عديدة فإنما المفيد البحث عن الوحدة والتعدد لا عن جزئية النية للصيام وعن الحقيقة الشرعية للصوم لا يقال لا ريب في أن الصوم الشرعي مطلوب منا في كل يوم وإذا كانت النية جزء أو شرطا له فلا بد منها في كل يوم لأنا نقول إذا كان صوم الشهر عبادة واحدة كما يقول به المكتفى بالنية الواحدة فالنية الواحدة المتعلقة به الواقعة في أوله تؤثر فيه كله ويمكن أخذها واعتبارها في كل يوم منه كما صرح به السيد (ره) في كلامه الذي نقله هذا الفاضل حيث قال فكذا القول في النية الواحدة إذا فرضنا أنها لجميع شهر رمضان فإنها مؤثرة شرعا في صيام جميع أيامه ولو قيل نعلم أن الصوم الشرعي مطلوب منا بالاستقلال في كل يوم من غير ارتباطه بما قبله فيرجع ذلك إلى دعوى العلم بأن صوم كل يوم عبادة منفردة ولظاهر حينئذ إنها يحتاج إلى نية جديدة ولا افتقار إلى تجشم ما ذكره من الزيادات فإن قلت هل يمكن أن يقال لما أشكل علينا إثبات الوحدة واحتمل التعدد فلا بد في العلم بالبراءة من التكليف الثابت من تعدد النية قلت لا يمكن القول بذلك إذ يلزم على هذا بناء على احتمال الوحدة من النية الواحدة أيضا ولا قايل بوجوب الجمع بينهما نعم قد ذكر الشهيد الثاني (ره) إن الاحتياط في ذلك كما سيأتي قد اعترف هذا الفاضل أيضا بما ذكرنا في آخر البحث حيث قال نعم لا يبعد القول بأن كل واحدة عبادة مستقلة و المجموع أيضا عبادة مستقلة أخرى فلو قيل بذلك لم يبعد أن يقال المجموع أيضا يحتاج إلى نية على حدة كما إن الاجزاء يحتاج إليها لكن لا أعرف أحدا صرح بهذا انتهى وبالجملة لا ينفع هذا القول القائلين بوجوب التعدد كما لا يخفى ثم إن القول بأولوية التعدد كما اختاره المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى والمصنف في اللمعة مما لا ريب فيه إذ الظاهر أن القائلين بكفاية نية واحدة للشهر لا يقولون بتعينها بل يجوزون إيقاعها لكل ليلة كما تشعر به عباراتهم ويظهر من المنتهى اتفاقهم على أولوية ذلك حيث قال فيه إن قلنا بالاكتفاء بالنية الواحدة فإن الأولى تجديدها بلا خلاف وحمل ذلك على الجمع بين نية المجموع والنية لكل يوم بعيد جدا وعلى هذا فالاحتياط في التعدد فيكون أولى فما ذكره الشهيد الثاني (ره) في مقام الرد على القول بأولوية التعدد غير جيد قال في الروضة بعد شرح قول المصنف والأولى أي إيقاعها لكل ليلة أولى وفي أولوية تعددها عند المجتزي بالواحدة نظر لان جعله عبادة واحدة يقتضي عدم جواز تفريق النية على أجزائها خصوصا عند المصنف فإنه قطع بعدم جواز تفريقها على أعضاء الوضوء وإن نوى الاستباحة المطلقة فضلا عن نيابتها لذلك العضو نعم من فرق بين العبادات وجعل بعضها مما يقبل الاتحاد والتعدد كمجوز تفريقها في الوضوء يأتي عنده الجواز من غير أولوية لأنها يناسب الاحتياط وهو منفي وإنما الاحتياط هنا الجمع بين نية المجموع والنية لكل يوم انتهى ووجه عدم الجودة إن الاحتياط في التعدد لاتفاقهم على جوازه كما عرفت فيكون أولى كما اعترف به وقطع المصنف بعدم جواز تفريق النية على أعضاء الوضوء لا يقتضي عدم تجويزه التفريق في مطلق العبادة كما يظهر من الرجوع إلى الذكرى فكيف في خصوص هذه العبادة التي إمكان اعتبار جهة الوحدة والتعدد فيها في غاية الظهور ثم قال في البيان وعلى القول بالاكتفاء بالنية الواحدة للجميع هل يكفي لما بقي منه أو لأيام معدودة محصورة منه يحتمل ذلك لان ذلك أحق من الجميع والوجه المنع لأنا نجعل رمضان عبادة واحدة أو ثلثين عبادة فلا يجوز أن يجعل قسما آخر انتهى أقول ما ذكره من الاحتمال كلام العلامة في المنتهى وما استوجهه من المنع لا يخلو من شئ إذ على تقدير كونه عبادة واحدة كما هو المفروض فلا ريب في أنه ليس على حد الصلاة ونحوها مما يفوت بعضها بفوات البعض بل يجب الاتيان بالباقي ويجب له النية فيكون نيته نية واحدة كنية الكل ونعم ما قاله (ره) في المنتهى لكن هذه كلها قياسات لا يعتمد عليها (ولو تقدمت عليه في شعبان لم تجز على الأقوى) رد لما ذكره الشيخ (ره) في الخلاف بقوله أجاز أصحابنا في نية القربة في شهر رمضان خاصة أن تتقدم على الشهر بيوم أو أيام وفي المبسوط والنهاية والجمل قال بجواز اجتزاء الناسي ومثله كمن أغمي عليه أو نام بالنية المتقدمة على الشهر وقال المصنف (ره) في البيان ولو ذكر عند دخول الشهر لم يجز العزم السابق قولا واحدا قال العلامة (ره) في المنتهى ويمكن أن يحتج للشيخ بأن المقارنة غير شرط ولهذا جاز تقديمها من أول الليل وإن تعقبها الأكل والشرب والجماع وإذا جاز ذلك جاز أن تتقدم بيوم أو يومين أو ثلثه لتقارب الزمان هنا كما هو ثم ولو تم هذا الدليل على جواز الاكتفاء بالنية المتقدمة في غير الشهر وللعامد أيضا مع ظهور ضعفه كما أفاده (ره) للفرق لقوله (صلى الله عليه وآله) لا صيام لمن لم يبت الصيام من الليل ولأن الأصل عندهم المقارنة كما عرفت وخروج التقديم بالليل للنص والاجماع والعسر فبقي الزايد على المنع وكلامه في الخلاف يؤذن بالوفاق ولكنه في محل المنع بنحو ما عرفت في المسألة السابقة ويشترط الجزم مع علم اليوم وفي يوم الشك المترددة
(٣٥٤)