ذلك شئ مما حكيناه ويقوى في نفسي إنها تبطل لان من شرط الصلاة استدامة حكم النية وهذا ما استدامها وأيضا قوله (عليه السلام) إنما الأعمال بالنيات وقول الرضا (عليه السلام) لا عمل إلا بالنية يدل عليه وهذا عمل بغير نية ولأنه يبعد أن يكون الصلاة صحيحة إذا نوى الدخول فيها ثم نوى فيما بعد في حال القيام والركوع والسجود إلى آخر التسليم إنه يفعل هذه الأفعال لا للصلاة فيكون صلاته صحيحة فهذا المذهب أولى وأقوى وأحوط انتهى ورجع أيضا إلى هذا القول أي صحة الصوم وإجزائه مع تجدد العزم على الاتيان بالمفطر في أثناء النهار السيد الاجل المرتضى بعد ما كان فتواه أولا البطلان وعدم الاجزاء وادعى أخيرا إن الاجزاء هو الصحيح الذي يقتضيه الأصل هو مذهب جميع الفقهاء واختار هذا القول أيضا المحقق والعلامة (ره) في المنتهى ومقابل المشهور قولان أحدهما الاجزاء ووجوب القضاء والكفارة معا ذهب إليه أبو الصلاح كما نقله في المختلف والثاني عدمه ووجوب القضاء خاصة اختاره العلامة في المختلف ونقل فيه كلام السيد بطوله وأطال الكلام في الرد عليه والمصنف أيضا في الكتاب وفي البيان استوجهه أما دليل الشيخ فما نقلناه عن الخلاف مع ما ذكره في الرد عليه وخلاصة ما يستفاد من كلم السيد إن الأكل والشرب ينافيان الصوم دون عزم الأكل والشرب والعزم المذكور وإن كان ينافي نية الصوم ولكن لا ينافي حكمها وحكم النية غير النية نفسها لان النية إذا وقعت في ابتداء الصوم استمر حكمها في باقي اليوم وإن لم يكن مقارنة لجميع أجزائه بل إذا وقعت في أول الشهر يؤثر في جميع أيامه ألا ترى إن منافاة كل من الغروب والنوم والاغماء للنية إن وقع في وقتها وقارنها أشد من منافاة العزم على الافطار لها مع أنه لم يجب أن ينقطع استمرار حكم النية لتجدد شئ منها فكذلك لا يلزم أن ينقطع لتجدد العزم على الافطار بالطريق الأولى والنية إنما يعتبر في الابتداء وقد حصلت ولا اعتبار بها في سائر أجزاء اليوم وإلا لوجب تجديدها في كل آن ولا يقول به أحد وإنما الاعتبار بحكمها وهذا العزم لا ينافيه ولعلك يمكنك أن تعلم ما فيه مما ذكرناه في بيان وجوب حكم النية إذ قد عرفت إنه لو أحدث عن (نا) مخالفا للعزم الأولى يسند العقل والعرف صدور الفعل إلى الإرادة الناشية عنه دون الناشية عن العزم الأول فيلزم بطلان حكمه ولا تعنى ببطلان حكمه إلا ذلك كما علمت وهذا بخلاف تجدد الغروب وأمثاله لان إسناد صدور الفعل معها عرفا وعادة إلى الإرادة الناشية عن العزم الأول أليس إذا سافر زيد إلى بلدة بعيدة عن بلده وشرع في السفر بقصد الوصول إلى تلك البلدة ثم ذهل وقت النزول والارتحال في جميع منازل الطريق عن هذا القصد وذلك الوصول وسئل سايل فقال ما الباعث لزيد على هذه الحركة وهذا السفر فيقولون الإرادة الناشية عن قصد الوصول إلى هذه البلدة بخلاف ما لو انفسخ عزمه في أثناء الطريق ولكن عرض له خوف عن جاير لو لم يتحرك أو سمع بجاير في سمت حركته فتحرك حتى وصل إلى تلك البلدة فإنه لو سئل حينئذ عن باعث حركته لقيل الإرادة الناشية عن قصد التخلص عن أذى هذا الجاير أو إنقاذ ذلك الجاير ويمكن أن يقال على هذا إن من تجدد له الارتداد وقصد الرياء أو الخروج عن الصوم مثلا في أثناء النهار فلا ريب في أنه يخرج في هذا الزمان لأجل ذلك عن حكم النية الأولى البتة وأما من تجدد له العزم على تناول المفطر ولكن لم يتناول شيئا فالحكم بخروجه حينئذ عن حكم النية الأولى لا يخلو عن إشكال إذ لا حجر في اسناد تركه حينئذ أيضا إلى التوطين الأول لا عقلا ولا عرفا نعم لو كان له مع تجدد هذا العزم باعث على الترك كحضور شخص يحتشمه ونحو ذلك بحيث لو لم يكن ذلك لتناول البتة لكان كفه حينئذ مستندا عقلا وعرفا إلى هذا الباعث ويرجع إلى أحد الفروض السابقة ولو عرض له العزم على تناوله بعد حين فعدم خروجه بذلك عن حكم النية أظهر ولقد اعترف العلامة بمثل ما قلناه في كتاب الصلاة من المختلف وهذه عبارته فنقول إن نوى قطع الصلاة أو إنه خارج منها أو نوى بفعل يفعله غير الصلاة من أفعال الصلاة بطلت صلاته لأنه قطع حكم النية قبل اتمام فعله فأبطل الفعل وأما إذا نوى إنه سيخرج من الصلاة أو سيفعل ما ينافيها من حدث أو كلام فإن صلاته لا تبطل بمجرد النية فإن المنافي للصلاة إنما هو الكلام لا العزم عليه وما استدل به الشيخ ومذكور في كلام السيد أيضا من أنهم عليهم السلام ذكروا لنا شرايط الصوم وآدابه وفرايضه وسننه ونواقضه وقواطعه ولم يتعرضوا لشئ مما حكيناه أصلا فإنما يجري في عزم تناول المفطر دون ساير ما ذكره معه لكثرة ورود الحكم بحبط العمل وبطلانه بالشرك والرياء وعدم الخلوص لله تعالى في الآيات الكريمة والروايات الشريفة وإذا عرفت هذا فاعلم إنه يمكن حمل كلام السيد (طاب ثراه) على ما ذكرنا لولا ما تجدد في طي كلامه من عبارات مختلفة توجب توقف الناظر في إسناد صدور كلامه إلى هذا القصد وعليك الرجوع إلى المختلف لتعرف ما قلناه وقال العلامة في الرد عليه (طاب ثراه) ما حاصله إن ما ذكره من عدم المنافاة بين عزمه على الأكل والشرب وبين الصوم ممنوع لان الصوم عبارة عن توطين النفس على الكف عن المفطرات أو إحداث كراهة لها والعزم المذكور لا يجامع شيئا منهما وفيه إن مع عدم المنافاة غير مناسب لان الصوم إذا انعقد صحيحا فالأصل بقاء صحته إلى أن يثبت عروض المنافي وبعد الحمل على المنع اللغوي نقول قد عرفت إنه لا بد من إرجاع التوطين المذكور إن اعتبرناه طول النهار إلى حكم النية وأثرها ونحو ذلك لئلا يلزم فساده
(٣٥٦)