ولا يصومه من شهر رمضان لأنه قد نهى أن ينفرد الانسان بالصيام في يوم الشك وإنما ينوي من الليلة أنه يصوم من شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزء عنه بتفضل الله تعالى عز وجل وبما قد وسع على عباده ولولا ذلك لهلك الناس وكان المراد بقوله (عليه السلام) لأنه قد نهى أن ينفرد الانسان بالصيام في يوم الشك أنه قد نهى أن ينفرد الانسان من بين سائر الناس بالجزم على الصيام الواجب صيام شهر رمضان في يوم الشك مع أن الناس كلهم في شك منه ولا يصومونه بنية رمضان بل يعدونه بحكم الأصل والاستصحاب من أيام شعبان أو الكلام قد خرج على سبيل القلب أي أنه قد نهى الانسان أن يجعل يوما الشك منفردا بالعزم على الصيام الواجب فيه من بين ساير أيام شعبان لأنه شرعا من شهر شعبان إلى أن يثبت دخوله في شهر رمضان كما عرفت ويحتمل على بعد أن يكون المراد أنه قد نهى أن ينفرد الانسان بخصوص الصيام الواجب في يوم الشك من دون ساير الأحكام الشرعية المتعلقة بأول شهر رمضان كانقضاء العدد وحلول أجال الديون والإجارات ونحوها من الأمور المنوطة بدخول الشهر لظهور أنه لا يحكم بها شرعا في يوم الشك ما لم يحصل له اليقين بدخول الشهر وقوله (عليه السلام) لولا ذلك لهلك الناس أي ولولا تفضله وتوسيعه تعالى في تلك المادة أو مثلها على عبيده بجعلهم في سعة مما لا يعلمون حتى يثبت لهم التكليف الذي لا ريب فيه ثم قبوله منهم بمحض فضله ومنه ما أتوا به تبرعا بعد ثبوت تكليفه وظهور اشتغال ذمتهم بعبادته شرعا لهلكوا يقينا أليس لو كلفهم بتحصيل اليقين في يوما لشك مع خروجه عن حيز قدرتهم للزم هلاكهم بل ولو أمرهم ببذل الجهد والطاقة في تحصيل اليقين به وأمثاله من الأشياء التي ترتبط بها الأحكام الشرعية للزم العسر والضيق العظيم وعدم استطاعة كثير من الناس بسلوك طريق الشرع القويم كما يشهد به من يشاهد حاله ويطابق قوله فعاله وفي الموثق عن سماعة أيضا قال سألته عن اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان لا يدري أهو من شعبان أو من رمضان فصامه فكان من شهر رمضان قال هو يوم وفق له ولا قضاء عليه وليس في التهذيب لفظة فكان وكأنها سقطت سهوا لان الشيخ أخذ الحديث عن الكافي وتوجد فيه وعن بشير النبال عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن صوم يوم الشك فقال صمه فإن يك من شعبان كان تطوعا وإن يك من شهر رمضان فيوم وفقت له وعن الزهري عن علي بن الحسين (عليه السلام) في حديث طويل في ذكر وجوه الصوم وصوم يوما الشك أمرنا به ونهينا عنه أمرنا به إن نصومه مع صيام شعبان ونهينا عنه أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس فقلت له جعلت فداك فإن لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع قال ينوي ليلة الشك أنه صايم من شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزء عنه وإن كان من شعبان لم يضره فقلت له وكيف يجزى صوم تطوع عن فريضة فقال لو إن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا وهو لا يعلم أنه من شهر رمضان ثم علم بعد ذلك لأجزء عنه لان الفرض إنما وقع على اليوم بعينه والضمير في قوله (عليه السلام) بصيامه راجع إلى اليوم الذي يشك فيه الناس وقوله في اليوم الذي يشك فيه الناس كالبيان ويحتمل رجوعه إلى الرجل والمراد بقوله (عليه السلام) نهينا عنه أن ينفرد الرجل بصيامه ما ذكرناه في الحديث السابق ولكنه (عليه السلام) لما قال أولا أمرنا به أن نصوم منضما إلى صيام شعبان وبنيته سئل الراوي وقال فإن لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع وأجابه (عليه السلام) بما أجاب ويحتمل أيضا أن يكون بناء سؤاله على الغفلة عن فهم المراد من قوله (عليه السلام) نهينا عنه أن ينفرد الرجل بحمله على النهي عن صيامه منفردا غير منضم إلى شئ من صيام شعبان فأجابه (عليه السلام) ببيان المراد ويحتمل أيضا أن يكون ما فهمه الراوي صحيحا ويكون المراد أنه ينبغي أن يكون صوم يوم الشك منضما إلى صيام شئ من شعبان ولا يكون منفراد ثم أفاد في جواب السؤال أن مع اضطراره إلى ذلك لعدم اتفاق صيامه لشئ من شعبان يصومه منفردا بنيه شعبان وحديث سماعة أيضا يحتمل نحو ذلك المعنى وأما ما يدل على وجوب القضاء كما روى في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) في الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان فقال (عليه السلام) عليه قضاؤه وإن كان كك فلا يعارض ما قدمناه من الأخبار الكثيرة لان هذا خبر مجمل ويستفاد التفصيل من الأخبار المتقدمة فيجب حمله على ما يوافق التفضيل الذي يستفاد منها لئلا تتناقض الاخبار وذلك أما بتقدير في الكلام أي يصوم بنية رمضان اليوم الذي يشك فيه كونه من رمضان أو يجعل قوله من رمضان متعلقا بقوله يصوم لا بقوله يشك وقال في المنتهى ويدل على هذا الحمل قوله (عليه السلام) وإن كان كذلك لان التشبيه إنما هو للنية ولا يخفى ما فيه لان هذا الكلام منه (عليه السلام) ليس لبيان الفرد الخفي من وجوب القضاء إذ ظاهر إن وجوب القضاء ليس إلا في هذه الصورة بخصوصها بل لا بد من تقدير في سؤال الراوي أي قول فيظهر أنه من رمضان ونحوه حتى يصح حكمه (عليه السلام) بوجوب القضاء عليه ثم يصير معنى الكلام على هذا الحمل الذي رجحه العلامة أنه يجب عليه القضاء وإن كان الفرض مطابقة قصده للواقع واليوم لما نواه فإنه لما لم يكن عالما بهذه أولا فلا يصح منه هذا القصد ولا يحتسب له هذا الصوم ولو حمل على الصوم المطلق يصير المعنى أنه يجب عليه القضاء
(٣٥٩)