دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه - أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي - الصفحة ٢٠٠
الحديث الحادي والعشرون روى البخاري (11 / 102 فتح) ومسلم (4 / 2102 / 4) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لله أشد فرحا بتوبة عبده إذا تاب، من أحدكم براحلته إذا وجدها ".
قلت: من كان مسرورا بشئ راضيا به قيل له فرح، والمراد الرضا بتوبة التائب، ولا يجوز أن يعتقد في الله تعالى التأثر الذي يوجد في المخلوقين، فإن صفات الحق قديمة فلا تحدث له صفة.
الحديث الثاني والعشرون روى مسلم (1 / 162) في أفراده من حديث أبي موسى قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال:
" إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه..
إلى قوله: حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات (137) وجهه ما انتهى إلى بصره من خلقه ".
قلت: معنى يخفض القسط ويرفعه: أي يخفض بعدل ويرفع بعدل.

(137) قلت: السبحات كما في " تاج العروس " (2 / 157): أنواره وجلاله وعظمته، وهذا الحديث من مشكل صحيح مسلم، لما فيه من الألفاظ والمعاني الغربية، وقد أشار مسلم إلى عنعنة الأعمش عن عمرو بن مرة وكان مدلسا كما هو معلوم، فهذه رواية شاذة لا سيما وقد أشار مسلم بعدها إلى علة فيها ثم روى الحديث بعد ذلك بلفظ معقول شرعا من طريق شعبة عن عمرو بن مرة بلفظ:
" إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام. يرفع القسط ويخفضه، يرفع إليه عمل النهار بالليل. وعمل الليل بالنهار ".
فلفظ السبحات: لا يثبت ولا يجوز أن يجزم به صفة لله تعالى، وخصوصا أن الحافظ ابن الجوزي حكى عن أبي عبيدة: أنه لا يعرف السبحات في لغة العرب أي لم يسمعها إلا في هذا الحديث.
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست