هو غير ذلك، ويشهد لهذا ويعضده أن السلف من أئمة الحفاظ والمجتهدين والمحدثين ردوا أخبارا صحاحا ولم يقبلوها ومنها ما هو في الصحيحين كما سيأتي في الفصل الذي بعد هذا عن الإمام أحمد بن حنبل وغيره، ولم يعهد عن أحد منهم أنه رد آية في كتاب الله تعالى مما يدل ويؤكد أن القرآن يفيد العلم ولا يجوز رده بحال وأن الحديث الصحيح يفيد الظن فيجوز رده بما هو أقوى منه إن عارضه ولم يمكن الجمع وسيأتي في ذلك أمثلة عديدة لا تجعل في ما قررناه أدنى شك وبالله تعالى التوفيق.
رد الصحابة بعض أحاديث الآحاد الثابتة واستيثاقهم منها أحيانا أخرى 2) رد السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها على سيدنا عمر رضوان الله عليه في حديث " تعذيب الميت ببكاء أهله عليه ".
روى البخاري (فتح 3 / 151 - 152) ومسلم (2 / 638 - 642) أن سيدنا عمر وابنه سيدنا عبد الله رويا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه " فردت ذلك السيدة عائشة وقالت كما في صحيح مسلم (برقم 27 في الجنائز) عن عمرة أنها سمعت السيدة عائشة وذكر لها أن عبد الله بن عمر يقول: إن الميت ليعذب ببكاء الحي. فقالت السيدة عائشة: يغفر الله لأبي عبد الرحمن. أما إنه لم يكذب، ولكنه نسي أو أخطأ. إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية يبكى عليها فقال: " إنهم ليبكون عليها، وإنها لتعذب في قبرها ".